الثبات – إسلاميات
سلسلة نداء الله للذين آمنوا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ البقرة 153.
يأمر الله تعالى المؤمنين من عباده في هذه الآية، بالاستعانة بالصبر والصلاة، والسؤال المطروح هو لماذا هذا التلازم بين الصبر والصلاة؟
الجواب وبكل وضوح، هو أن الصبر سلاحٌ فعالٌ للقضاء على الهموم والأحزان، فالمبتلى يعلم أن بلاءه من عند الله تعالى، ولا يرفع هذا البلاء إلا الله، فيحتسب، ويروّض نفسه ويصبّرها، فتحلّ الطمأنينة والرضا، وتهدأ النفس وهي تتنشق عبير الإيمان الداعي إلى التسليم لمشيئة الله تعالى في قضائه وقدره، فيكون الصبر أساس هذه الراحة النفسية، ثمّ تأتي الصلاة لتزيد من إيمان هذا الصابر المحتسب، وهو يقف بين يدي الله تاركاً الدنيا وملهياتها وراء ظهره، وهو يقول: الله أكبر، فالله أكبر من الهموم، والله أكبر من الدنيا ومشاغلها، والله أكبر من كل شيئ، وأمره مقدّمٌ على كلّ شيئ.
فالصلاة هنا، كانت الدافع لترسيخ الثقة بالله وتفعيل دور الإيمان عند الإنسان لتجنيبه السخط والاعتراض على حكم الله عز وجلّ، فيتبين لنا مما تقدم، أن الصبر والصلاة أمران متلازمان لترسيخ الإيمان عند الإنسان، حتى يصل إلى مرتبةٍ يوقن فيها أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
ولقد أصيب النبيّ صلى الله عليه وسلم بالعديد من الإبتلاءات والمصائب، فجاءه التوجيه الربانيّ لكيفية التعامل مع هذه البلايا حيث قال تعالى آمراً حبيبه عليه الصلاة والسلام: (فاصبر صبراً جميلاً).
إتهموه بالجنون، وكذبه أهل مكة، وذهب إلى الطائف فلم يلقَ إلا مزيد تعذيبٍ وتكذيب، ماتت زوجته خديجة، ثم عمه أبو طالب، وتعرض أصحابه المؤمنون لأشد أنواع القهر والتنكيل من قبل صناديد قريش وكبرائها، وهو صلى الله عليه وسلم ينتظر الفرج والظفر بصبره على البلاء.
هذا عن صبره صلى الله عليه وسلم، أما عن استعانته صلى الله عليه وسلم بالصلاة لذهاب همومه وغمومه، فقد نقل إلينا أصحابه رضي الله عنهم أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة، لأنه كان يجد في الصلاة حلاًّ لجميع المصاعب والنوائب، وهكذا يجب أن نكون، نصلي لنربط أنفسنا بالله المهيمن على الكون، ومنه نستمد ثباتنا وإتزاننا عند نزول الكرب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.