خاص الثبات
لكم الله يا آل بيت النبوة، يا من سكنتم قلب الوحي، وسُقيتم من نبع الطهارة، وربّاكم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم على عينه، وزرع فيكم الهدى كما تُزرع الكواكب في سماء البشرية.
أنتم أول من لبّى نداء السماء، وأول بيتٍ قدّم الشهداء...
قدّمتم حمزة، أسد الله وأسد رسوله، فارتقى شهيدًا في أُحد، مضرجًا بدمائه، مثخنًا بالجراح، وقد مُثّل بجسده الطاهر...
وقدّمتم جعفر الطيّار يوم مؤتة، يوم تقطّعت يداه، ولم يتزحزح، حتى ضمّه الله إلى عليين بجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء...
ثم كان عليٌ، باب مدينة العلم، يخرّ صريعًا في محرابه عند صلاة الفجر، يسجد لله سجدته الأخيرة، وفي جبينه نورٌ لم ينطفئ، فاشتعلت به ذاكرة الأمة...
وقدّمتم الحسن، سيد شباب أهل الجنة، مات مسمومًا مظلومًا، يتقيّأ كبده قطعة قطعة، والسكينة تظلل وجهه النوراني...
ثم كان المذبوح على الرمال، الحسين بن علي، ابن فاطمة، قلب رسول الله... مذبوحٌ لا بين الشهداء فقط، بل على نهرٍ مُنع عنه الماء، وعلى أرضٍ جفت فيها الرحمة، وتكالبت فيها سيوف الباطل.
في كربلاء، لم يُقدَّم الحسين وحده، بل كان القربان جماعيًا:
أولاده، وأبناء إخوته، وأبناء عمومته، والرضيع الصغير، والشيخ الكبير، كلهم لبّوا نداء السماء في يوم العاشر، حتى النساء حملن جراحهن صابرات محتسبات.
أي بيتٍ هذا الذي جعل دماءه طريقًا للهداية؟
أي بيتٍ هذا الذي اختار أن يُذبح ليحيا الناس بكرامة؟
لكم الله يا آل بيت محمد، إنكم مدرسة الفداء، ومعجزة الصبر، وراية العدل حين تُطوى الرايات.
أنتم تربية محمد، أنتم نور النبوة المتّقد في الليالي السوداء، أنتم الامتداد الطاهر لذلك البشير النذير...
عليك السلام يا سيدي يا محمد بن عبد الله، يا أبا القاسم، وعلى آلك الطاهرين، ورحمة الله وبركاته.
السلام عليكم يا أهل بيت النبوة،
يا موضع الرسالة، ومهبط الوحي، ومعدن الرحمة، ومأوى السكينة.
السلام على من كانت بيوتهم أبوابًا للإيمان، وقلوبهم خزائن العلم، وهم ساسة العباد، وأركان البلاد، وصفوة المرسلين، وسلالة النبيين.
لكم السلام منا ما دامت السماء، وما دامت الأرواح تهفو إليكم...
ولكم الدعاء، والحب، والولاء، ما دامت قلوبنا تنبض وعيوننا تدمع حين نذكركم.
يا آل محمد... لا يوم كيومكم... ولا فداء كفدائكم...
سلامٌ عليكم في الخالدين.