الثبات - إسلاميات
سلسلة نداء الله للذين آمنوا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ..}
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول الله تبارك وتعالى في الآية 59 من سورة النساء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾. يأمر الله تعالى عباده المؤمنين في هذه الآية الكريمة بلزوم طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلّم، وكذلك طاعة أولي الأمر، الذين يحكمون بما أنزل الله تعالى مقتفين أثر النبي صلى الله عليه وسلم، فلا عبودية إلاَّ بطاعةٍ لله ورسوله وولاة الأمر ما أطاعوا الله تعالى.
وطاعة الله تعالى تكون ابتداءً بتوحيده وبالإقرار بربوبيته ووحدانيته، وبتنزيهه تعالى عن الشريك والمثيل، وعن الندِّ وعن الضدِّ، وتكون بإفراده سبحانه بالعبادة فلا يستحقها أحدٌ سواه، ومن صرف عبادةً لغير الله فقد أشرك، ومن أشرك فقد حبط عمله، فليس له من شفيعٍ يوم القيامة، وبعد تحصيل هذه المعاني، تكون طاعة الله بالإيمان بكلّ ما أخبر به في كتابه من أمورٍ يحسّها الإنسان بحواسّه أو كانت من الغيبيات التي وصلتنا عن طريق السمع، وكذلك بالتزام أوامره واجتناب نواهيه.
وأما طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون بالإيمان به عليه الصلاة والسلام، وبكلّ ما جاء به أو أخبر به عن ربه، وأنه موحى إليه من الله تعالى، وتكون طاعته أيضاً عليه الصلاة والسلام بالتزام سنته وتطبيق ما أمر به من أفعالٍ فيها الأثر الطيب على إيمان المسلم وسلوكه.
أما طاعة وليّ الأمر، فتكون بالتزام ما أمر به وفق شرع الله تعالى وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم، فعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: (إن خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف) رواه مسلم، وعند مسلمٍ أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني)،
ومتى ما كان هذا الحاكم أو ولي الأمر قريباً من الخير قريباً من الحق؛ كلما سعدت به أمته وأطاعته رعيته، واجتمعت حوله القلوب ولهجت بالثناء عليه الألسن، وخلد التاريخ ذكره وكتب له التوفيق والسداد، وأجرى الله على يديه كل تغيير وإنجاز في حياة أمته وشعبه.
ثم بيّن الله تعالى في الشق الآخر من الآية، أن ما تنازع فيه المؤمنون مردّه إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، فهما المصدران الأساسيان للتشريع، فإن لم يجدوا الحكم فيهما، فمردّ الأمر إلى أهل العلم العالمين بأحكام القرءان والسنّة، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾.
فالموفق السعيد، من هدِيَ إلى طاعة الله ورسوله وأولي الأمر، لأن الطاعة هي دليل المحبة، وهي دليلٌ على صدق الإيمان في قلب صاحبه.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين