الثبات - إسلاميات
دروس من الهجرة
الثبات على المبدأ
فترة البعثة الأولى يجد أن رسول الله تحمل من الأذى الكثير، فقد أتهم بأنَّه ساحر وبأنه شاعر إلى غير ذلك، واستخدم كفار قريش كلَّ الأساليب لكي يثنوه عن مبدأه فلم يرجع، ولم يتهاون في تبليغ دعوة رب العالمين للناس، ولذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنبياء الخمسة الذين أطلق عليهم أولو العزم ، والسبب صبرهم وتحملهم الكثير من الإيذاء والاضطهاد المستمر نتذكر في ذكرى الهجرة النبوية، مبدأ الثبات على المبدأ في سبيل هذا المبدأ تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم المقاطعة، هو والمسلمين صبروا وتحملوا وفي هذا نموذج للمسلم ألا يضعف أمام كيد الشيطان وأمام كيد أعداء الإسلام، وطالما أنَّه على الحق فإنَّ الله سينصره، ويقتدى بذلك بهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم
وليس الاقتصار على مفاوضات البدائل التَّرقيعيَّة، ومناقشات الحلول التخديريَّة الآنية، لقد بدأ الحلُّ الشامل منذ أن عُرض على النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم أن يَعْبد إله المشركين عاماً، ويعبدوا إلَهَه عاماً، فأبَى ذلك، ثم تطوَّرَت العروض والمغريات حتَّى وصلَتْ إلى ذروتها مع عتبة بن ربيعة حين قال للنبِيِّ صلى الله عليه وسلَّم: "يا ابن أخي، إن كنْتَ إنَّما تريد بِما جئتَ به من هذا الأمر مالاً، جَمَعْنا لك من أموالنا حتَّى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفاً، سوَّدْناك علينا حتَّى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد مُلكاً، ملَّكْناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رَئِيًّا تراه" مَسّاً من الجن"، لا تستطيع ردَّه عن نفسك، طلَبْنا لك الطِّبَّ، وبذَلْنا فيه أموالنا حتَّى نبرئك منه.
إن الحلَّ الشامل لبلاد المسلمين يَكْمُن في استقلالهم الكامل بذاتِهم، والعمل على التخلُّص من التبعيَّة الفكريَّة والاجتماعية، والاقتصادية والسياسيَّة للشَّرق أو للغرب، وليس عَبثاً أن يَختار عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه التَّأريخَ للمسلمين بالْهجرة، ويقول: "الهجرة فرَّقَت بين الحقِّ والباطل"، فحَلُّ الأزمات بِيَدِ الله لا بيد غيره، إنْ نَحْن عقَدْنا العزم على التمكين لدينه، ونَشْر سُنَّة نبيِّه عليه الصلاة والسلام.