معركة المتحف: يوم تصدّت بيروت لغزو "العدو الإسرائيلي"

الإثنين 04 آب , 2025 02:58 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في مثل هذا اليوم، الرابع من آب/أغسطس عام 1982، سجّلت بيروت صفحة جديدة من صفحات المقاومة والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي. كانت العاصمة اللبنانية، التي باتت محاصرة من الجهات الأربع، على موعد مع واحدة من أشرس المواجهات التي عرفتها خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، فيما عُرف بـ "معركة المتحف"، حيث حاولت المدرعات الإسرائيلية اقتحام الجزء الغربي من المدينة، وفشلت بفعل المقاومة العنيفة التي واجهتها، لا سيما من مقاتلي "المرابطون" وغيرهم من فصائل الحركة الوطنية اللبنانية.

المشهد الميداني: المدرعات عند أبواب بيروت الغربية

في صباح الرابع من آب، تقدّمت القوات الإسرائيلية من محيط المتحف الوطني بدعم من الكتائب والقوات، في محاولة لاختراق الخط الفاصل بين الشطرين الشرقي والغربي لبيروت، مستفيدة من تفوّقها في العتاد والغطاء الجوي والدعم اللوجستي. إلّا أن هذه المحاولة قوبلت بردّ فعل عنيف من المقاومة، لا سيما في منطقة كورنيش المزرعة، حيث تصدّى المقاومون ببسالة للمدرعات المتقدمة.

جامع جمال عبد الناصر، الواقع في قلب كورنيش المزرعة، شكّل أحد المعالم التي دارت حولها المعركة، وتحول محيطه إلى ساحة قتال مفتوحة.

من هناك انطلقت نيران المقاومة، وخصوصًا من مقاتلي حركة "المرابطون"، التي كان لها دور محوري في هذه المواجهة، عبر تنظيم الكمائن وعمليات القنص وصدّ الآليات المهاجمة، ما أدى إلى إعطاب عدد من الدبابات الإسرائيلية وإرغام القوات المهاجمة على التراجع.

المرابطون: حراس بيروت في الخطوط الأمامية

برزت في هذه المعركة مجددًا حركة "المرابطون" كواحدة من أبرز القوى المقاومة داخل بيروت. الحركة التي وُلدت من رحم النضال الوطني اللبناني، وضعت نصب أعينها هدفًا واضحًا: الدفاع عن بيروت بكل الوسائل المتاحة، ورفض أي احتلال أو هيمنة على القرار الوطني اللبناني. لم تكن معركة المتحف معركة عسكرية فقط، بل كانت معركة هوية وكرامة وصمود.

المرابطون، من مواقعهم داخل الأحياء الشعبية، خاضوا هذه المواجهة بإمكانات متواضعة، لكن بإرادة فولاذية. كانوا يعرفون أن السقوط العسكري لبيروت الغربية، يعني إنهاء المقاومة من داخل العاصمة، وتسليمها للقوات الغازية التي كانت تهدف إلى فرض معادلة سياسية جديدة في لبنان، عبر الإجهاز على منظمة التحرير الفلسطينية وتصفية الحركة الوطنية.

المعركة في الذاكرة: بين الشهادة والوعد

استمرت المعركة حتى فجر الخامس من آب، وتكبدت خلالها القوات الإسرائيلية خسائر في العتاد والجنود. وكانت هذه المواجهة رسالة واضحة بأن بيروت لن تُستباح بسهولة، وأن أبناءها مستعدون للموت دفاعًا عن كرامتها. ارتقى خلال المعركة عدد من الشهداء، ممن سبقوا رفاقهم على درب النضال، مخلفين وعدًا مقدسًا: بيروت ستبقى عصيّة على الاحتلال والعملاء.

وفي ذكراها، نجدد العهد لبيروت – "سيدة العواصم" – أن تبقى في الصفوف الأمامية، تخوض المعارك الشعبية دفاعًا عن أصالة المدينة وتاريخها المقاوم، وتُكمل مسيرة الشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن حرية واستقلال لبنان.

معركة المتحف ليست مجرد محطة في ذاكرة الحرب، بل رمز من رموز البطولة والصمود، واليوم، في ذكراها، نستعيد الدرس والرسالة: من يدافع عن بيروت، يدافع عن كرامة الوطن كله... والسلاح شرف للمقاومة كان وسيبقى.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل