الثبات ـ تصوّف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، يقول الله تعالى في الحديث القدسي الجليل: ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ).
ويقول النبي صلى الله عليه و سلم: "إن من عبادي ناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله؛ قالوا: يا رسول الله خبّرنا من هم؟ قال: هم قوم لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس؛ وقرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
أما بعد ... فمع مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ومع قول الله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} .
سئل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولياء الله مَن هم ؟ قال: هم الذين يُذكرُ الله تعالى عند رؤيتهم، ويُذكركُم بالآخرة عملهم.
• الولي: مَن تولّى الله سبحانه بالطاعة فتولاه الله عزوجل بالكرامة.
• الكرامة: اسم من الإكرام و التكريم؛ تقول: أكرمت العالم وكرّمته إكراماً وتكريما، إذا فعلت معه ما يدل على تعظيمه واحترامه .
• في اصطلاح جمهور أهل السنة والجماعة: هي أمر خارق للعادة، يُظهره الله تعالى على يد مؤمن صالح غير مقرون بدعوى النبوة.
• لقد ثبتت كرامات الأولياء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي آثار الصحابة رضوان الله عليهم ومَن بعدهم إلى يومنا هذا؛ وأقرّها الجمهور من الفقهاء والمحدثين والأصوليين ومشايخ الصوفية .
• الحكمة منها: أن يُكرم الله تعالى أحبابه أولياءه بأنواع من خوارق العادات تكريماً لهم على إيمانهم وإخلاصهم، وتأييداً لهم في جهادهم ونصرتهم لدين الله تعالى وإظهاراً لقدرة الله تعالى ليزداد الذين آمنوا إيمانا.
• الدليل عليها من كتاب الله تعالى قصة السيدة مريم عليها السلام في القرآن الكريم؛ والدليل عليها من السنة الصحيحة: قصة جريج العابد في الصحيحين؛ والدليل عليها من آثار الصحابة: قصة الصحابيّين أُسيد بن حُضير وعبّاد بن بِشر رضي الله عنهما؛ والدليل من الأولياء و الصالحين ما أخرجه العلاّمة أبو نُعيم في كتاب حلية الأولياء من قصة سيدنا ثابت البناني رضي الله عنه.
• الفرق بين الولي لله تعالى والمشعوذ؛ فالولي: الذي تكون على يده الكرامة، وهو صاحب العقيدة الصحيحة والمواظب على الطاعات المجتنب المعاصي؛ وأما المشعوذ: فهو الفاسق المجاهر بالمعصية؛ وهو خفيف اليد في كل أمر كالسحر، يُري الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين؛ و الكرامة لا تكون لكافر .
• التصوف من صفاء النفس مأخوذ من سيرة سيدنا الرسول صلى الله عليه و سلم و حياة الصحابة رضي الله عنهم .