تربية الأبناء .. "التربيَّة الخُلُقيَّة"

الثلاثاء 25 شباط , 2020 01:33 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - اسلاميات

التربيَّة الخُلُقيَّة

 

 الإيمان كما قال عليه الصلاة والسلام: "الإيمان حسنُ الخلُق".

 لمجرَّد أن تلغيَ الأخلاق من الدين لم يبقَ من الدين شيء، فالإيمان حسن الخلق، وهناك أحاديث كثيرة جداً وصحيحة وقد أجمع عليها علماء الأحاديث.

 هذه الأحاديث تؤكِّد أنَّ حسن الخلق هو أعظم ما في الإيمان، وأعظم ما في الإسلام، وأنَّه إذا ذهب ذهب كلُّ شيء.

كل أب مسلم عليه أن يغرس في نفس ابنه مجموعة قيم أخلاقية:

 الحقيقة فضلاً عن أنَّ الأَب المسلم يربّي على الإيمان بالله والإيمان برسوله وكتبه وباليوم الآخر، وعلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، ويربِّي ابنه على حبِّ نبيِّه وعلى تلاوة القرآن، فضلاً عن كلِّ ذلك، هناك مجموعة قِيَم خلقيَّة لا بدَّ من أن ينتبه الأبُ إلى غرسها في نفس ابنه، لذلك أروي لكم هذه القصَّة ولعلَّها مفيدةٌ جداً:

 قال سهل بن عبد الله التُستُريّ: كنت ابن ثلاث سنين أقوم بالليل، فأنظُر إلى صلاة خالي محمد بن سِوار، فقال لي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك، قلت: كيف أذكره؟

 قال قل بقلبك عند تقلُّبك في فراشك ثلاث مرَّاتٍ من غير أن تحرِّك به لسانك: الله معي، الله ناظرٌ إلي، الله شاهدي، فقلت ذلك ليالَي ثمَّ أعلْمته، فقال: قل في كلِّ ليلة سبعَ مرَّات. فقلت ذلك ثمَّ أعلْمته، فقال: قل ذلك في كلّ ليلة إحدى عشرة مرَّة، فقلته.. ففي الليلة الثالثة قال: وقع في قلبي حلاوة الذكر، وقع في قلبي حلاوته فلمَّا كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علَّمتك ودُم عليه إلى أن تدخل القبر فإنَّه ينفعك في الدنيا والآخرة، قال: فلم أزل على ذلك سنين فوجدّت لذلك حلاوة في سرِّي، ثمَّ قال لي خالي يوماً: يا سهل، من كان الله معه، ومن كان الله ناظراً إليه، ومن كان الله شاهده أيعصيه؟! إيَّاك والمعصية.

 وبهذا التوجيه السديد والترويض المستمر، والتربية الإيمانيَّة الحقَّة، أصبح سهل رحمه الله من كبار العارفين، ومن رجال الله الصالحين، بفضل خاله الَّذي أدَّبه وعلَّمه وربَّاه.

الحياة لا تصلح إلا بالإيمان:

 كثيراً ما نشاهد أشخاصاً متدينين صالحين جدَّاً يقول لك أحدهم: الفضل لعمِّي، الفضل لخالي، الفضل لوالدي، الفضل لعمَّتي، الفضل لوالدتي، شيء لا يقدَّر بثمن أن يلهمك الله تربية طفل صغير، ابناً كان أو غير ابن.. فهذا أصبح من كبار العارفين بهذا التوجيه اللطيف: الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهدي.

 اكتفى منه أولَ الأمر أن يقولها وهو في الفراش، ثمَّ رفع العدد إلى أن أصبحت هذه الكلمة كلمة ثابتة في حياة هذا الغلام، فلمَّا نشأ عليها قال: من كان الله معه، ومن كان الله ناظراً إليه، ومن كان الله شاهده أيعصيه ؟! قال: لا.. قال: إيَّاك أن تعصيه.

 على كلٍ هناك نقطة مهمة جداً.. أنّ الحياة لا تصلح إلا بالإيمان، أحياناً الإنسان يشعر أنَّ هناك قيوداً تقيِّده، أي إذا كان الإيمان قيداً، والاستقامة قيداً، أنت قيِّدت بهذا القيد لكنَّ الله عزَّ وجلَّ من أجلك قيَّد لك مليار إنسان، ما هو السِّر أنَّك إذا تعاملت مع مؤمن فأنت مرتاح لا تخاف؟

لا تخاف أن يغشَّك، أو أن يكذب عليك، أو أن يخونك، أو أن يأخذ ما ليس له منك، هذه الطمأنينة دخلت عليك لأنك مقيَّد، ولأن الله عزَّ وجلَّ قيَّد مليار إنسان من أجلك، وحياتنا لا تستقيم إلا بهذه الطريقة، تتعامل مع الناس جميعاً، هؤلاء الذين تتعامل معهم إن كانوا مؤمنين فهم مقيَّدون مثلك، يخافون الله، لا يأخذون ما ليس لهم، يخافون أن يكذبوا، أو أن يغشّوا، أو أن يحيفوا على أحد، فكما أنت مقيَّد هم مقيَّدون من أجلك.

 

قال الشاعر:

هي الأخلاق تنبت كالنبات ... إذا سُقيت بماء المكرمات

فكيف تضن بالأبناء خيراً ... إذا نشأوا بحضن السافلات.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل