الثبات - التصوف
بركة الشام العالم الرباني
أحمد الرفاعي -الحبال-
هو الشيخ الزاهد أحمد بن محمد صالح بن عبد الفتاح الرفاعي الحبال الدمشقي المولود سنة 1323هـ.
نشأة الشيخ أحمد الحبال:
عرف بين أهالي دمشق في حبه للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عرف بمحله التجاري في السوق والذي كان مضرب المثل في التاجر الصدوق الصالح.
قلما فاتته صلاة الفجر في جماعة، وكان شيخ مجالس الصلاة على النبي في دمشق يقوم بها وينشرها.
صورة للشيخ رحمه الله في أحد مجالس النبي صلى الله عليه وآله وسلم
لازم الشيخ عمه الشيخ سعيد الحبال، الشيخ سعيد الحبال كان قطب الشام كان إمام الشافعية في الجامع الأموي وكان قطب الشام في الولاية.
الشيخ صالح الحبال لازم الشيخ عبد الرزاق الطرابلسي الشهير بـ (غلَّا الحليب) شيخ الطريقة النقشبندية، بعض الناس يظن أن الشيخ أحمد الحبال رفاعي، هو رفاعي النسب ولكن الطريقة التي كانت في أهل بيته أصلاً هي الطريقة النقشبندية طريقة والده كانت الطريقة النقشبندية الشيخ صالح الحبال والده كان نقشبندي الطريقة أخذها عن الشيخ عبد الرزاق غلا الحليب.
فالشيخ أحمد رحمه الله تعالى غرسة نبتت في تلك الرياض الزاهرة رياض التقوى والورع وأكل الحلال والذكر والجهاد والمجاهدة غرسة غرسها والده رحمه الله.
وعرف عن الشيخ أحمد الحبال عرف عنه حب الحج إلى بيت الله الكريم وزيارة نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ممن أخذ هذا؟ أخذه من أبيه لا من الشيخ بدر الدين الحسني ولا من الشيخ شريف اليعقوبي أخذه من أبيه ثم من الشيخ عارف عثمان الشيخ عارف عثمان حج ثلاثين حجة، وحج الشيخ خمسين مرة أو أزيد من خمسين مرة،
وكان أبوه ما كان يأكل إلا من طعامه ومن كسب يده.. قال وما عرف عنه أنه أكل عند أحد من الناس قط، الشيخ أحمد الحبال ما كان يأكل إلا من كسب يده، نعم كان يجبر خاطر الضعفاء والمساكين فيجيب الدعوات لكن لا يأكل إلا القليل من الطعام وفي ذلك أيضاً اتباع لسنة النبي عليه الصلاة والسلام لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجيب دعوة العبد ويجيب الدعوة إلى الكراع كما قال عليه الصلاة والسلام: "لو دعيت إلى كراع لأجبت" فهذا من أخلاق الشيخ أحمد رحمه الله تعالى أخذ هذه السنن عن كبار العلماء والأولياء ممن اجتمع به.
صورة للشيخ رحمه الله في دكانه الذي كان يعمل به
الذين خرَّجوا الشيخ أحمد الحبال:
-الشيخ بدر الدين الحسني: محدث الشام وشيوخ مشايخها.
-الشيخ سليم الحمامي: أحد المعمرين الصلحاء في الشام.
-الشيخ عارف عثمان: الشيخ عارف عثمان من محبته للنبي عليه الصلاة والسلام رأى النبي عليه الصلاة والسلام تفل في يده في الرؤيا، الشيخ عارف عثمان عمر قريب المائة، من الأولياء الكبار وممن أخذ عن الشيخ يوسف النبهاني والشيخ محمد بن جعفر الكتاني وعنهما أخذ التعلق بالجناب النبوي الشريف.
صورة من زيارة العلامة الشهيد محمد سعيد البوطي للشيخ الرباني
الدروس العظيمة في حياة الشيخ أحمد الحبال وفي وفاته:
أولاً: إذا أردنا أن نقول هو من جماعة من؟ نقول هو من جماعة الشيخ بدر الدين الحسني، وهل للشيخ بدر الدين جماعة؟
جماعته أهل الشام وصل إلى درجة لم يبق في الشام أحد إلا وقد قرأ عليه ولم يبق أحد إلا وهو من تلاميذه أو من تلاميذ تلاميذه أو من تلاميذ تلاميذ تلاميذه، هذا تحقق لجماعة كبار قديماً منهم الحافظ المنذري زكي الدين عبد العظيم المنذري هذا عمر في مصر ومات أقرانه ومات تلاميذ أقرانه فما بقي له ابن عم في العلم وما بقي إلا تلاميذه وتلاميذ تلاميذه. هذا تحقق لشيخ الإسلام زكريا بن محمد الأنصاري من تلاميذ الحافظ ابن حجر وغيره، هذا أيضاً عمر نحو مائة سنة وما بقي في مصر أحد إلا وهو من تلاميذ تلاميذه، الشيخ بدر الدين عمر ثمانية وثمانين سنة ما بقي أحد في الشام إلا وهو من تلاميذه أو من تلاميذ تلاميذه ومن لم يكن من تلاميذه أصلاً كالشيخ أمين سويد انضوى تحت لوائه وحضر دروسه وصار من تلاميذه، وكذلك الشيخ شريف اليعقوبي، حتى من كان من علماء عصره أسن منه كان أسن منه بنحو عشر سنوات انضووا تحت لواء الشيخ بدر الدين واتخذوه شيخاً لهم وكانوا لا يصدرون إلا عن أمره وإشارته ويعظمونه ويقدمونه ويتتلمذون عليه هذا أدب الشيوخ وأدب الأولياء الكبار.. الآن، إذا كان الشيخ عمره ثلاثين سنة والتلميذ عمره عشرين سنة فالتلميذ يتتلمذ على الشيخ ويقرأ عليه، فإذا تقدمت بهما العمر وصار التلميذ عمره خمسين والشيخ عمره ستين صار يعد نفسه من أقرانه قديماً كان الكبير يتتلمذ على الصغير، يعني ابن الخمسين كان يتتلمذ على ابن الثلاثين ولا يستحيي.
ثانياً: الآية الأخرى في الشيخ أحمد الحبال ما رأيتموه من خروج دمشق في تشييعه، مع أنه لم تكن له جماعة.
الشيخ أحمد الحبال لم تكن له جماعة.. الآن الذين يربون الجماعات ويقولون للطالب ابق عندنا ولا تخرج لتحضر عند غيرنا ومن خرج يحضر عند غيرنا طرد من عندنا وأمثال ذلك.. ويتمسكون بطلابهم كتمسكهم بأرواحهم، ماهذا... قديماً كان المشايخ يقولون: هذا الخير الذي عندنا إن أحببت أن تحضر عندنا فأهلاً وسهلاً وإن وجدت عند غيرنا أفضل منه فحيهلا.
فانظروا إلى أين يقود التعصب للجماعات والتنظيمات والتكثر من الأعداد والشيخ أحمد الحبال كان لا يهمه كل ذلك، فماذا كانت النتيجة؟
خرجت دمشق كلها في جنازته بفضل الله تبارك وتعالى، هذا درس للمشايخ قبل أن يكون درساً للعامة، هو درس للمشايخ في أصول التربية، كانت هناك كتب تقرأ لم تعد تقرأ الآن، ككتب الإمام الشعراني، الإمام الشعراني رحمه الله وضع آداباً للطريق أخذها من مشايخه أخذها بالألفاظ والرواية والتخلق والمشاهدة ودوَّنها ورُزق الحظ والسعد في التدوين والتصنيف، فدون المصنفات وألف المؤلفات النفيسة، ووضع قواعد للسلوك والطريق والآداب، هذا التعصب الموجود الآن بين الجماعات هذا كله ليس من آداب التصوف ولا من آداب العلم ولا من آداب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
عاش الشيخ ومات وهو يأكل من كسب يده من محله في سوق مدحت باشا، وكان منزله مفتوحاً للناس، ومائدته عامرة بالمساكين والصالحين.
وكان رحمه الله مثال التواضع والرحمة بالناس، وملاذهم في حل معضلاتهم، وأورثه ذلك محبة كبيرة في القلوب، وشهد له الجميع بالصلاح، وله مكانة عالية عند العامة والخاصة، وقد كان شديد الإنكار على الدجالين الذين يزينون للناس حل مشاكلهم بأمور ما أنزل الله بها من سلطان.
توفي يوم الثلاثاء وصلي عليه في جامع بني أمية الكبير يوم الأربعاء 2 صفر الخير 1430هـ /28 كانون الثاني 2009م. وتم العزاء به في جامع التوبة.
صور من تشيع الشيخ رحمه الله