الثبات - اسلاميات
أهمية القدوة الصالحة
القدوة الصالحة يَسْهُلُ على الطفلِ إدراكُ المعاني المجردة؛ لذا فهو لا يقتنعُ بتعاليمِ المربي وأوامره بمجرد سماعها، بل يحتاج مع ذلك إلى المثالِ الواقعيِّ المشاهَدِ، الذي يدعمُ تلك التعاليمَ في نفسِهِ، ويجعله يُقْبِلُ عَلَيها ويَتَقَبَّلُها ويعملُ بها.
وهذا أمرٌ لم يَغْفُل عنه المعنون بالتربية، بل تَنَبَّهُوا له، وأَرْشَدُوا إليه المربين، فها هو عمرُو بن عتبةَ يُرشِد مُعلِّمَ ولدِه قائلاً: "لِيَكُنْ أولَّ إصلاحُكَ لِبَنِيَّ إصلاحُك لنفسِك؛ فإن عيونَهم معقودةٌ بعينك، فالحَسَنُ عندهم ما صَنَعْتَ، والقبيحُ عندهم ما تركتَ!؛ وهذا يؤكدُ أنَّه لا سبيل إلى التربيةِ السليمةِ إلا بوجود قُدوةٍ صالحةٍ تغدو نموذجاً عمليّاً للامتثال للأوامر، والاستجابة لها، والانزجار عن النواهي، والامتناع عنها.
وقد كان شبابُ الإسلام وناشئوه في عصر النُّبوَّةِ يحرِصون على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقليدِهِ ومحاكاتِهِ في جميع أمورِهِ؛ في وُضُوئِهِ، وصلاتِهِ، وقراءَتِهِ للقرآن، وقيامِهِ، وجلوسِهِ، وكرمِهِ، وجهادِهِ، وزهدِهِ، وصلابتِهِ في الحق، وأمانتِهِ، ووفائِهِ، وصبرِهِ... إلخ.
لا يستغني إنسان عن اتخاذ قدوة يحبه ويعجب به، ويميل الشباب خاصة للبحث عن العظماء والأبطال واتباعهم، يتعلقون بهم تعلقاً شديداً ويتأسون بهم تأسياً لافتاً ويسيرون وراءهم حذو النعل بالنعل، هل تعلمون أن هناك حرباً اليوم تسمى حرب القدوات؟، وهل تعلمون أن استعباداً لجيل من الممكن أن يكون عبر تحطيم قدوات وإبراز قدوات؟
التربية بالقدوة هي من أقوى أنواع التربية إذ يتعلم المرء بعينيه أكثر مما يتعلم بأذنيه، والمرء حينما يرى الهمة العالية شاخصةً في رجل والأخلاق الرفيعة مجسدةً في رجل والثبات على الحق متمثلاً في رجل يدرك أن تحصيل الفضائل ممكن وأن العمل الدؤوب مثمر وأن للحق رجالاً سيمشي وراءهم، ثم إن عدداً من الناس لا يستطيعون تجريد الأفكار لفهمها ولكنهم يتأثرون أيما تأثر عندما يرونها شاخصة في صور الرجال أمامهم فهناك يقتنعون ويتعلمون ويقتدون.
وإذا رجعنا إلى القرآن القرآن الكريم فلا نجد القرآن يرضى لكم إلا أن تتأسوا بخيرة خلق الله وأشرف خلق الله وأطهر خلق الله وأصلح خلقه، إنهم الأنبياء وفي الآية التسعين من سورة الأنعام بعد أن تكلمت الآيات عن سبعة عشر نبياً إِبْرَاهِيمَ و إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ودَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا قرأت قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه} فلم يرض ربنا إلا أن تكونوا من وراء الأنبياء لأنَّه يليق بكم أن تكونوا وراءهم.
وجعل الكمال في الأحزاب بالاقتداء بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيراً}.
- كيف أعين نفسي وأعين ابني على اختيار القدوة الحسنة:
1- كن أنت قدوة صالحة لأولادك ولمن حولك.
2- اجتهد أن تجتمع مراراً مع أهل العلم والأدب والذكر والفضل فلعلك ولعل ابنك يعجب بواحد منهم فيتخذه قدوة.
3- اقرأ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم شمائله العطرة، وفي تراجم الصحابة والتابعين.
4- اقرأ في كتب تراجم أهل العلم والنبل والحكمة، وفي طبقات الفقهاء والحفاظ والقراء والادباء.
5- احذر وليحذر ابنك من كثرة الاجتماع مع الماجنين والحمقى والمغفلين أو مع الفجار والأشرار.
قالوا: حال رجل في ألف رجل خيرٌ من قول ألف رجل في رجل، فاجتهدوا أن تقتدوا بمن حاله الصلاح والإصلاح فإنكم أهل لكل خير ما اقتديتم بالخيرين.