سلاح المقاومة ليس حمولة بوسطة: احذروا "هدير البوسطة" _ أمين أبوراشد

الجمعة 08 آب , 2025 10:23 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عندما انسحب وزراء الثنائي الشيعي من جلسة الحكومة يوم الثلاثاء الماضي، مع بقاء الوزير الشيعي الخامس فادي مكي في الجلسة، راهن البعض على انقسام الشيعة.. لكن الوزير مكي انسحب مع وزراء الثنائي من جلسة يوم الخميس وأعلن أنه لا يحتمل على أكتافه وحيداً عبء الشارع الشيعي، بعدما تبين أن لهذا الشارع رأيه الشعبي الذي يحكم ليس فقط وزراء الثنائي، بل كل وزير شيعي وكل نواب الشيعة.

وكي لا يتحمل الشارع الشيعي وحده وزر الدفاع عن سلاح المقاومة، وفي غياب حق الاستفتاء الشعبي في لبنان، وتحديداً على القرارات الوجودية، من حقنا أن نسأل: هل هناك مقاومة في التاريخ حررت وطنها، وانتصرت ثانية على العدو، ومنعته من الاجتياح في المرة الثالثة، ارتضت تسليم سلاحها قبل انسحابه من نقاط حدودية يحتلها؟ حتماً: لا.

لا أحد في لبنان ضد حصرية السلاح بيد الدولة، كل السلاح، لكن، "سلاح الغريب قبل القريب"، وضمن استراتيجية دفاعية وطنية تستحق ليس فقط جلسات حكومية، بل مؤتمراً وطنياً، لأن اقتصار جلسات مجلس الوزراء على مناقشة وتطبيق "الورقة الأميركية" التي وضعها طوماس باراك، هي العيب بعينه، العيب الذي لا يليق بوطن المقاومة وسلاح المقاومة.

وإذا كان عدد خصوم المقاومة في لبنان "حمولة بوسطة"، فإن الشارع الجماهيري لهذه المقاومة ليس كذلك، ومن كل الطوائف، واستخدام تعبير "نزع سلاح" هذه المقاومة، بدا وكأن المقصود به من ركاب البوسطة نزع أضلع من حرروا لبنان وارتوت بدمائهم بساتين الزيتون وحقول التبغ، ولا أحد يشعر بأوجاعهم سوى أنفسهم وليس سواهم، خصوصاً أولائك الذين يعتقدون أن الوطن هو بمساحة رحلة بوسطتهم "من ضيعة حملايا إلى ضيعة تنورين".

لكل بلد استراتيجيته الدفاعية، بما يعني أن وضع استراتيجية دفاعية للبنان ليست ابتكاراً، لكنها لا تعني فقط جمع السلاح "غير الشرعي" وإتلافه، سيما أنه من تعب وعرق ودماء الشعب اللبناني، بل وضع دراسة مُحَدَّثة لحماية الحدود، لا بل تحديثها كلما طرأ تعديل ميداني على الأرض. وهنا قد يرى البعض أنه من المبكر الحديث عن تشكيل "لواء الحدود" في الجيش اللبناني، لكن الأمر حتمي مستقبلاً عند ترسيم الحدود مع "إسرائيل" وسورية، سيما أن الخطر المتوقع من الحدود الشرقية والشمالية لا يقلّ أبداً عن الخطر الجنوبي.

ليست المشكلة في لبنان هي حصراً في سلاح المقاومة، سواء بقي معها أم ضمن "لواء حدود" في الجيش اللبناني، بل المشكلة في منطق فريق لبناني يرى الأمور "وردية" وكأن موقع لبنان هو بين ألمانيا والنمسا، ويتناسى تاريخ الصراعات في هذه المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى بداية الصراعات الحالية التي تتفاوت بين جيوش خارجية ترسم الشرق الأوسط الجديد، وعشائر داخلية تتبادل التهديدات، سواء من المقلب السوري أو من المقلب اللبناني، ووجود تهديدات واضحة من أطراف محافظتي حمص وريف دمشق لمناطق البقاع الشرقي والشمال، لنجد نائباً مثل الياس حنكش بعد زيارة وفد الكتائب إلى قصر بعبدا يوم الجمعة يقول: "مَن يريد البقاء على الموتوسيكلات فليبقَ"، وهو يدرك أن حجم حزبه لا يتجاوز حمولة موتوسيكل.

كلام النائب حنكش أقل ما يُقال فيه إنه غير مسؤول، لا بل فتنوي وأخطر من كل التهديدات الحدودية، وهو إذا كان يعتمد على الوعود الأميركية والقرارات الأممية ليرى الأمور بهذه الصورة الوردية، فإننا نخشى بوجود أمثاله أن يتحوَّل اللون الوردي إلى الأحمر في الداخل اللبناني، لو لا سمح الله بدأت النار تأكل النار.

نحن لا نسكب الزيت على النار، لأننا لسنا من جماعة الصحافة الصفراء، ولكن، سؤال إلى النائب حنكش ومعه حزب الكتائب وكل مسؤول مستقل أو حزبي:
لماذا تحرك الجيش ودخل عين الرمانة منذ أيام، وتحديداً بين جلستي الثلاثاء والخميس وما بعدهما؟ والجواب، لأن الجيش يعيش الأرض وصفيحها الساخن، وإذا كانت عين الرمانة شاهدة على بوسطة أشعلت الحرب الأهلية، فإن هديرها حاضر في أذهاننا التي تدفعنا لترداد كلمة "تنذكر وما تنعاد"، والشعب اللبناني غير قادرٍ على سماع المزيد من الهدير، لا من البوسطة ولا من الموتوسيكلات.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل