الثبات - اسلاميات
التكوين السليم لشخصية الطفل
إنّ الاهتمام بالطفل في المنزل هو الهدف الأول من أجل تربيته بشكلٍ سليمٍ وصحيح يخوله دخول معترك الحياة بثقة وجرأة، لذلك فشخصية الطفل تشغل بال الآباء لأنّهم يرغبون بطفلٍ ذكيّ ومنظم وقياديَ وذي شخصية قويةٍ يدافع بها عن نفسه، وتشمل شخصية الطفل جميع الجوانب النفسية والعقلية التي تقوده إلى سلوكيات معينة.
وقت تكوّن شخصية الطفل:
أشارت الدراسات إلى أنّ شخصية الطفل تتكون خلال السنوات الأولى ولكل عمرٍ خلال هذه السنوات صفاتٍ تميزه وبالتالي هناك طرق للتعامل معه من أجل صقل شخصيته بشكلٍ ايجابي وسليم، حيث يبدأ الطفل بالاهتمام بالبيئة المحيطة به والتركيز على ما يحصل فيها منذ عامه الثاني، فهو يصبح أكثر قدرة على الاعتماد على نفسه فينطلق ليتعرف على بيئته.
نصائح مهمة تساعد في بناء شخصية الطفل:
-كل طفل يختلف عن الآخر لذلك يجب الابتعاد عن المقارنة فيما بين الأطفال من أجل تنمية شخصية كل طفل بما يناسبه، والابتعاد عن وضع الطفل في قالب طفلٍ آخر ليصبح مثله أو في قالب أخيه أو أبيه أو أي شخصية أخرى؛ لأنّه من الصعب عمل نسخٍ طبق الأصل عن شخصيات مرغوبة.
-تشجيعه على اللعب لأنّ ذلك يساهم في نموه بدنياً ونفسياً وعقلياً، ومن أفضل أنواع اللعب هو اللعب الجماعي، حيث ينمي عند الطفل روح المشاركة والقيادة وتقبل الآخرين. توفير القدوة الحسنة، فالطفل في مرحلة الطفولة ينتقل لتقليد الآخرين في أفعالهم وأقوالهم، وليس هناك أفضل من الوالدين ليكونا القدوة الحسنة فهما على تواصلٍ مباشر معه ويؤثران فيه بشكلٍ كبيرٍ، وسيلاحظان بأنّ طفلهما يستخدم الكلمات التي يقولانها بشكل متكرر.
-تركه يتصرف على طبيعته وليس على طبيعة الآخرين، فلا ضرر في أن يخطئ أمام الآخرين أو ان يتصرف بشكلٍ عفوي.
-تركه يمارس هواياته الخاصة في عالمه الذي يخلقه هو لنفسه حسب رغبته فذلك يقوي شخصيته.
-تنمية مهاراته التي تظهر عليه ومحاولة تطبيق ما يخطر على باله ليميز بين الوقائع والخيال.
- الابتعاد عن التأنيب المستمر للطفل وإنما محاولة شرح الخطأ الذي يقع فيه وما يترتب عليه من أضرار، وتوضيح الشيء الصحيح الذي يجب القيام به.
-استخدام أسلوب العقاب الذي يتناسب مع الخطأ، والتذكر بأنّ الطفل لا يقصد السوء وإنّما ينظر لما يفعله بأنّه طبيعي.
نماذج من احترام النبي صلى الله عليه وآله لشخصية الطفل
تعويد الطفل على تحمل المسؤولية وهذه ضرورة لابدَّ من تعويد الأطفال عليها، ونحن في أوقات فرضت الاتكالية والاعتمادية نفسها على الكبار والصغار سواء بسواء، فالمربي الواعي يساعد الناشئ على تنمية مفهوم إيجابي عن نفسه، يعينه مستقبلاً على تحمل المسؤولية. فقد اهتم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بناء شخصية الناشئين من حوله، روى مسلم عن سعد الساعدي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره شيوخ، فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً".
وهكذا يعتاد الطفل على الجرأة الأدبية، فينشأ وفيه قوة رأي ورجاحة عقل، بعيداً عن روح الانهزامية والسلبية، وهذا يتنافى مع الحياء الذي فرضه الإسلام.
وها هو يخير غلاماً بين أبيه وأمه بعدما انفصلا ولم يُجبره على أحد منهما؛ احتراماً لرغبة الصغير: عن هلال بن أسامة أنَّ أبا ميمونة قال: بينا أنا جالس عند أبي هريرة رضي الله تعالى عنه جاءته امرأة فارسية معها ابن لها، وقد طلَّقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة، ثم رطنت، فقالت بالفارسية: زوجي يريد أن يذهب بابني، قال: فجاء زوجها، فقال: من يجافني؟ فقال أبو هريرة: إني لا أقول في هذا، إلا أني سمعت أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا عنده، فقالت: فداك أبي وأمي، إنَّ زوجي يريد أن يذهب بابني، وهو يسقيني من بئر أبي عتبة، وقد نفعني، فقال: استهما عليه، فقال: زوجها: من يجافني في ولدي يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "يا غلام، هذا أبوك، وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت، فأخذ الغلامُ بيد أمه، فانطلقتْ به".