الثبات -اسلاميات
أهمية اللعب والحوار مع الطفل
أهم ما يحتاجه الابن في السنوات الأولى من عمره اللعب والحوار، إذ يشهد الابن في هذه السنوات ثورة حركية وثورة لغوية كما يقول علماء النفس.
أهمية اللعب في التربية
فهو بالنسبة للصغير كالعمل بالنسبة للكبير، ولئن رأيت طفلاً في هذه السن عاطلاً عن الحركة فاعلم أنَّه غير سوي ككبير عاطل عن العمل، ومما قيل في وظائف اللعب: "إنه يُعدُّ الطفل للحياة المستقبلية، ويساعده على النمو الجسمي، ويغذي بعض الغرائز والميول التي لا تتسع الحياة الجدية لتغذيتها، واللعب أيضاً ينقذ الطفل من الملل والضجر، وغير ذلك من الإحساسات الأليمة، ويعوده التزام القوانين واحترام المدراء، وإيثار المصلحة العامة، والتضحية في سبيل الفريق الذي ينتمي إليه، والمنافسة البريئة، واحتمال الغلَبة والرفق بالمغلوب".
وهذا هو سيد الخلق وخير البشر عليه أفضل الصلاة والسلام يروي عنه عبد الله بن شداد، عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي، الظهر أو العصر، وهو حامل الحسن أوالحسين، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه، ثم كبَّر للصلاة، فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها، قال: إني رفعت رأسي، فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فرجعت في سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها، حتى ظننا أنه قد حدث أمرٌ، أو أنه يُوحى إليك، قال: "كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني -ركب على ظهري-، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته".
وإذا بدا الطفل هادئاً قليل النشاط فإن ذلك يعتبر أمراً غير طبيعي بالنسبة له وقد يرجع ذلك لمرض أصابه أو أمر حلّ به، وهكذا عكس ما هو شائع لدى الكثير من الناس إذ ينظرون إلى الأطفال كثيري الحركة على أنهم "أشقياء" وأما قليلو الحركة والنشاط فينظرون إليهم على أنهم "عقلاء" ومتزنون، وهاكم ملاحظات تربوية تعينكم في لعب أبنائكم :
1- لاتضعوا ضوابط لتقليل حركة أبنائكم بل وجهوا حركتهم لتكون لعباً منظماً.
2- اخرجوا مع أبنائكم أسبوعياً على الأكثر إلى مكان واسع ودعوا ابنكم يظهر قدراته الحركية.
3- لا تملوا من تكرار طلب ابنكم الذهاب إلى اللعبة نفسها، لأن الطفل يحب تكرار اللعبة ذاتها.
4- استغلوا اللعب العلاجي.
5- استغلوا اللعب التعليمي.
أهمية الحوار في التربية
يتميز طفل السنوات الرابعة والخامسة والسادسة بانطلاقة ملحوظة من الناحية التعبيرية، والتواصل مع الآخرين؛ من الأسرة والأقارب والمعلمين في رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، وقدرته على التفاعل الإيجابي، وفهم وتحليل كثير من المواقف والأحداث التي تدور حوله في عالمه المحيط، كما يتميز بطرح تساؤلات كبيرة حول الكون والخلق، وقد يرفض فكرة ما، وقد يحرج والديه في سؤال ما، والأهم من ذلك أنه يصبح مهيأً للتعلم بشكل جيد، أحياناً تسبب أسئلة الطفل إحراجاً للوالدين مثل سؤال كيف أنا جئت، أو بعض الأسئلة العقدية أو أسئلة صعبة عن الكون والمخلوقات وغيرها، وننصحكم للإجابة على أسئلة ابنكم بالآتي:
1- كونوا صادقين في إجاباتكم.
2- يمكنكم تنمية حب القراءة عند أبنائكم من خلال أسئلتهم: فلو سألك ابنك كيف تطير الطائرة يا أبي، يمكنك أن تقول له غداً ننزل أنا وأنت إلى المكتبة لنشتري كتاباً عن الطائرة، ونقرأ فيه.
3- إن كان ولدكم لا يحاوركم فحاوروه أنتم، سَله: لماذا لا يغرق السمك في الماء، ما رأيك بهذا القميص؟
4- يمكنكم حوار أبنائكم عبر الهاتف، إذ يعد حوار الأبوين مع الأبناء عن طريق الهاتف محبباً ومثيراً، خاصة بالنسبة للآباء أو الأمهات الذين لا يملكون أوقاتاً كافية من محاورة أبنائهم.
5- تجنبوا الأسئلة العامة التي يجيب عنها الطفل بكلمة واحدة، والتي لا تحفزه على الإجابة.
تأمَّلوا معي هذا الحوار الذي دار بينه وبين غلام صغير، جاء الدور عليه في شرب الماء، ولم يشأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكسر قلبَه الغض، ومشاعرَه المرهفة، فاستأذنه أن يبدأ بالكبار:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "أُتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقدح فشَرِب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره، فقال: "يا غلام، أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟"، قال: ما كنتُ لأوثر بفضلي منك أحداً يا رسول الله، فأعطاه إياه".
فالغلام جالس عن يمين النبي، والشيوخ عن يساره، ومن السُّنة البدء باليمين، وأيضاً من المتعارف عليه احترام الكبار، وتقديمهم في كل شيء، فاستأذن النبيُّ الغلامَ أن يبدأ بتقديم الماء للكبار؛ ولكن الغلام رفض أن يتنازل عن حقه، يريد أن يفوز بشرف الشرب من يد الرسول، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - الماء بادئًا به.
أيُّ احترام لمشاعر الإنسان يطل من هذا الحوار؟ وأي رحمة تفوح من خلاله؟ لن ينسى الغلام هذا الموقفَ أبداً، وسيظل يذكر بالتأكيد إكبار النبي له، واحترام رأيه وحقه.