أقلام الثبات
كما وعد السيد حسن نصرالله استطاع حزب الله ان يسقط طائرة استطلاع "اسرائيلية"، وذكرت قناة المنار أن المقاومين تصدّوا بالأسلحة المناسبة لطائرة "إسرائيلية" مسيرة أثناء عبورها للحدود الفلسطينية - اللبنانية باتجاه بلدة رامية الجنوبية، حيث تم إسقاط الطائرة المسيّرة في خراج البلدة، وأصبحت في يدهم.
وكان لافتًا تعامل حزب الله الاحترافي مع قضية العدوان "الاسرائيلي" على لبنان وعلى مقاوميه في سوريا، وحيث اصبحت عبارة "انضبوا" هي المحرك الرئيسي وباعث القلق لدى "الاسرائيليين"، في أكثر الحروب النفسية احترافًا ودقة.
وتعتبر الحرب النفسية من أخطر من الحروب التي تُشنّ على عدو، وقد تفوق بخطورتها الحرب العسكرية المباشرة؛ وقد اعتبر نابليون بونابرت؛ أن حرب العقول أقوى من حروب الأسلحة، إذ إن "هناك قوتان في العالم فقط: العقل والسيف؛ وعلى المدى الطويل؛ العقل دائمًا ما ينتصر على السيف".
وبالفعل احترف حزب الله ممارسة التأثير النفسي على العدو للوصول الى تحطيم الروح المعنوية لديه... بينما كانت الحرب النفسية فيما مضى من احتكار "اسرائيل" خلال الصراع العربي "الاسرائيلي"، حين استطاع بتقنية واحتراف من القيام بممارسات لجعل العرب يفقدون الثقة بأنفسهم، ويتخلون عن الأمل، ويتملك منهم الخوف؛ حتى تتاح له فرصة الفوز بسهولة. وتعرّف موسوعة المعارف البريطانية الحرب النفسية بأنها استخدام الدعاية ضد عدو بهدف إضعاف الروح المعنوية لديه، وكسر إرادته في القتال أو المقاومة... وتستخدم لتعزيز موقع الحلفاء أو مقاتلي الجهة التي تقوم بها .
وعادة ما ترافقت الحرب النفسية ضد العرب مع الدعاية السياسية لـ "اسرائيل"، لإظهار تفوقها، ومن أهم أهداف تلك الحرب التي شنّها "الاسرائيليون" ما يلي:
- إقناع السكان العرب بدعم العملية العسكرية ضد حكومتهم أو على الأقل عدم إبداء الرغبة في المقاومة، إنطلاقًا من فكرة عدم القدرة على المواجهة، وهنا نرى انخراط بعض اللبنانيين في التخويف من الرد "الاسرائيلي" واتهام البعض لحزب الله بتخريب لبنان والدعوة الى عدم الرد على "اسرائيل".
- رفع المعنويات وسط صفوف جيش العدو وسكان الكيان عبر الدعاية السياسية المكثفة لقدرة جيشهم الذي لا يقهر، ومؤخرًا استخدم "الاسرائيليون" سياسة الدعاية المكثفة عبر الادعاء ان رد حزب الله الاسبوع الماضي باستهداف ناقلة الجند لم يصب احدًا.
- خلق جو عام من السجال الداخلي اللبناني وسط ومحاولة استخدام بعض الاصوات او الاراء للتحريض ضد رئيس الجمهورية لدعمه المقاومة وعلى حزب الله.
- إضعاف الروح المعنوية لدى اللبنانيين ، علمًا ان هذه بقيت من دون جدوى، بعدما اتقن حزب الله القدرة على الرد والتحدي برفع الروح المعنوية للبنانيين بعدما استمر اللبنانيون والعرب فترة طويلة يعتقدون بعدم قدرتهم على المواجهة.
وهكذا قامت اسرائيل لفترة طويلة بتسويق قدرتها على الانتصار على العرب، وإمكانية هزيمتهم بسهولة، وهو ما انفكوا يقومون به من خلال تهديدهم للبنان وغزة، والدعاية لجيشهم بأنه "الجيش الذي لا يقهر" والذي يستطيع أن يكبد الآخرين آلامًا وخسائر موجعة.
في مجال الاستراتيجيات الدعائية يمكن أن نميز بين نوعين من الاستراتيجيات والتي استخدمت خاصة خلال حرب تموز وما بعدها: استراتيجية "الحقيقة" واستراتيجية "الكذبة الكبرى".
استراتيجية "الحقيقة" وهي التي استخدمها حزب الله بشكل كبير واستطاع من خلالها كسب ثقة الجمهور الاسرائيلي الذي قال "انه يصدق حسن نصرالله اكثر مما يصدق حكومته"، وهي تعني تقديم المادة الإعلامية للمستمع أو القارئ بشكل إخباري يراعى فيه أكبر قدر من الدقة والموضوعية، مع تمرير بعض الرسائل التخويفية ضمن سياق حقيقي وواقعي الى حدٍ كبير. أما استراتيجية "الكذبة الكبرى" فهي تعني تحريف أو تشويه المادة الإعلامية من أجل التلاعب بالرأي العام، وإغراقه بكمّ من الإشاعات بحيث يتعذر عليه تمييز الحقيقة أو معرفة حجم الكذب في الموضوع.
وفي هذا الإطار، يبدو لافتًأ تعامل بعض الاعلاميين اللبنانيين والعرب بطريقة التهويل على اللبنانيين، وقيام هؤلاء بممارسة حرب نفسية لصالح العدو، مدّعين "الحرص على لبنان" وتسخيف كل من يقول بأن اسرائيل غير قادرة على شنّ الحرب، طالبين من الجمهور "عدم الانجرار وراء أوهام عدم قدرة "اسرائيل" على شنّ الحرب"، وهم - سواءً بحسن نية أو سوء نية- يقومون بالتسويق للعدو والمساهمة في حربه النفسية علينا.
في نهاية المطاف، لقد انتهى الزمن الذي تعتدي فيه اسرائيل ولا تتلقى ردًا . ولقد انكشفت كل الاقلام والشخصيات المشبوهة بحيث لم تعد تستطيع هذا الشخصيات التأثير الا على من يشبهها بالرأي والايديولوجيا السياسية، وهؤلاء لا محل لهم من الاعراب في حسابات المعركة مع العدو ولا في حسابات معظم اللبنانيين بكافة طوائفهم.