خاص الثبات
كأنّه بيننا، حاضراً بكلماته، بصوته، بثباته، وبصيرته... كأنّ الشهيد الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله لا يزال بيننا يوجّه، يحذّر، ويرسم الخطوط الحمراء في وجه الغطرسة الأميركية والصهيونية، التي ما انفكّت تحاول الهيمنة على أوطاننا وثرواتنا واستقلالنا.
في كلمته خلال الاحتفال المركزي لحزب الله في لبنان بمناسبة "يوم الجريح" عام 2022، رسم سماحته ملامح الموقف الحقيقي الذي يجب أن يتبناه الأحرار في وجه المشروع الأميركي، قائلًا بكل وضوح: "الثقة بأميركا غباء وحماقة وتفريط بالوطن."
جرائم أميركا... من اليابان إلى اليمن
لم تكن هذه الكلمات مجرّد موقف سياسي عابر، بل جاءت ضمن سردٍ دقيق لتاريخ الولايات المتحدة الإجرامي، حيث أشار الشهيد نصر الله إلى أن أميركا تنسى أو تتناسى ما ارتكبته من فظائع ضد المدنيين في حروبها حول العالم، مؤكدًا أن: أميركا قصفت اليابان بالقنابل النووية، دمرت الصومال والعراق وأفغانستان وسوريا، وهي شريكةٌ مباشرة في جرائم العدو الصهيوني بحق غزة والفلسطينيين، كما أنها مموّلة وداعمة للعدوان السعودي الأميركي على اليمن، الذي خلّف آلاف الشهداء والدمار والمآسي.
ازدواجية المعايير... وسكوت عن المجازر
وتوقف الشهيد الأسمى عند النفاق الأميركي الصارخ، متسائلًا: لماذا لا تتحدث أميركا عن الوحشية في اليمن؟ وأجاب: "لأن اليمنيين لا ينتمون إلى عالم الرجل الأبيض."
بهذا التوصيف العميق، كشف الشهيد نصر الله العنصرية المبطنة التي تحكم السياسات الغربية، والتي تجعل من الدم العربي والمسلم أرخص من غيره في ميزان الهيمنة والاستكبار.
الحياد والنأي بالنفس... ذرائع واهية
وفي محور آخر من كلمته، تناول الشهيد نصر الله ملف "الحياد" و"النأي بالنفس"، معتبراً هذه الشعارات: "ذريعةً للتهرب من المسؤوليات تجاه القضايا الكبرى، وعلى رأسها فلسطين وسوريا واليمن."
وسأل بوضوح: "أين النأي بالنفس الذي تنادي به الحكومة، عندما يتعلّق الأمر بالأميركي؟"، مشيرًا إلى أن هذه المواقف ليست إلا غطاءً سياسياً للرضوخ والتبعية، بينما السيادة الحقيقية تقتضي أن يُقال للأميركي بملء الصوت: "اللبنانيون ليسوا عبيداً عندك."
سقوط افتراء "هيمنة حزب الله"
كما تطرّق الشهيد الأسمى إلى المزاعم المتكررة حول "هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية"، مؤكّدًا أن الأحداث والوقائع تُسقط هذه الأكذوبة المصطنعة، مشيرًا إلى أن: "القرارات المصيرية تُتخذ تحت ضغطٍ خارجي واضح، وتغيب عنها الإرادة الوطنية المستقلة."
في الختام...
لقد قدّم الشهيد الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله، في كلماته الأخيرة قبل استشهاده، منهجًا واضحًا في فهم طبيعة المعركة، وفي كشف زيف الادعاءات الأميركية، وفضح ازدواجية الغرب وتآمره على الشعوب الحرة.
لم يكن خطابه مجرد تحليل سياسي، بل كان نداءً للكرامة والسيادة والمقاومة، ووصيّة لكل الأحرار بأن لا يُخدعوا ببريق الشعارات الزائفة، وأن لا يضعوا ثقتهم في قاتلٍ متسلسل يتزيّن بربطة عنق.
نعم، لقد قالها الشهيد بوضوح:
"الثقة بأميركا غباء وحماقة وتفريط بالوطن."
واليوم، وأكثر من أي وقت مضى، ندرك أنه كان يرى بعيدًا... وكان يعرف تمامًا من هو العدو الحقيقي.