الثبات - إسلاميات
أهمية تربية الأبناء
تحدثنا في المقالة السابقة عن حكم تربية الأبناء، ونتحدث اليوم عن أهمية التربية للأبناء، الأبناء كما في القرآن الكريم زينة الحياة الدنيا قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وقال سبحانه: {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا}، وهم نعمة تستحق الشكر وفي نفس الوقت هم مسؤولية يجب العناية بهم لاسيما فيما يصلحهم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "علموا أنفسكم وأهليكم الخير"، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ، أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته"، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ما نحل والد ولداً من نحل أفضل من أدب حسن"، والمعنى ما أعطى والد ولداً من عطية وهبة أفضل من تعليمه وتأديبه أدباً حسناً.
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين" وضم أصابعه.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة".
كل هذه النصوص وغيرها كثير دلت على فضل تربية الأولاد وهو فرع من تربية الفرد الذي يسعى الإسلام إلى إعداده وتكوينه ليكون عضواً نافعاً وإنساناً صالحاً في الحياة، بل هو مدار بعثة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال تعالى: {ُوَالَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ}، والتزكية هي التربية وأعظم بل أسمى ما يربى عليه الفرد تحقيق العبودية لله رب العالمين وإخلاص العبادة له والسلامة من الشرك، قال ابن كثير رحمه الله: "ويزكيهم: يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية".
لذا اهتم العلماء المسلمون بتربية الأولاد، ويتضح ذلك من مؤلفاتهم وكتبهم سواء ما يتعلق بأهمية التربية أو بيان وسائلها أو ثمراتها، قال الغزالي رحمه الله: "الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه؛ فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له".
وقال أيضاً: "وكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملاً وإنما يكمل ويقوى بالنشوء والتربية بالغذاء، وكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال وإنما تكمل بالتربية وتهذيب الأخلاق والتغذية بالعلم".
قالوا في تربية الأبناء:
ليس اليتيمُ مَن انتهى أبوَاهُ مِن ... هَمِّ الحياةِ وَخَلَّفاهُ وَحِيداً
فأصابَ بالدنيا الحَكيمةِ منهما ... وبحُسْنِ تربيةِ الزمان بَديلاً
إنَّ اليتيمَ هو الذي تَلْقَى له ... أمّاً تخلَّتْ أو أباً مَشْغُولاً
إِنَّ المقِّصَر قد يَحُولُ ولن تَرى ... لجَهالة الطَّبْعِ الغَبيِّ محيلا ً