تحية إلى الزملاء السوريين .. في يوم الصحافي السوري ـ أحمد زين الدين

الجمعة 16 آب , 2019 10:50 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تلفت النظر كثرة الاهتمام من إعلاميي حلفاء دمشق بضرورة تطوير الإعلام في سورية، لمواجهة التحديات المصيرية الكبرى التي تواجهها، ويذهب البعض في أعمال البيان والتنظير إلى الحديث عن "ميديا" الغرب والخليج، وسيطرة الصهيونية على وسائل إعلام عالمية كبرى، وشركات الإنتاج الفني سينمائياً وتلفزيونياً، وتسخيرها التميّز السينمائي والتميّز التلفزيوني والتميّز الإذاعي والتميّز الموسيقي.. إلى آخر ما هنالك من أعمال التميّز الفني والإبداعي لمصالح أعداء العروبة والقومية والإسلام والمقاومة، وضرورة التقدم وامتلاك التكنولوجيا والتقنيات ووسائل الاتصال المتطورة، والخبرات التي تؤهِّل لهذا التحدي وتلك المواجهة.

قد تكون هذه الخلاصات العامة صحيحة، لكنها كلها تصب في إطار العموميات التي لم تنفع، و"لن تشيل الزير من البير"، وبعض المؤتمرات "الإعلامية" التي تُعقد هنا وهناك، وما تحفل به من كلمات ومداخلات ومناقشات وقرارات وتوصيات، تنتهي في النتيجة على طريقة المؤتمرات واللقاءات العربية، التي "لا تُغني ولا تُسمن".

وما يثير الدهشة والانتباه، وحتى الاستفزاز، أن بعض الذين يُعتبرون كباراً ويحتلون مساحات الضوء على الشاشات، أتوا بتجاربهم من نفس مدرسة الإعلام الذي انتقدوه، فبعضهم كان يملك ممالك إعلامية انتهت واندثرت نتيجة سوء الإدارة، وسوء فهمه لـ"الميديا"،(بالمناسبة انا لاأحب هذا التعبير) ورهط من هذا الإعلام جاء من تجاربه في محطات الكاز العربي، وفريق جاء من تجارب مراراتنا وانكساراتنا.. ومجموعات جاءت من تجاربها التي ما تركت بصمة إيجابية في صفحة الإعلام العربي، إما بسبب أمّيتها أو انتهازيتها، أو لقرار جاء من أعلى فنصّبها في مكان لا تستحقه.

لا شك أن هناك أوفياء ومخلصين وأنقياء يحملون همّ الواقع الذي وصلنا إليه، وضرورة النهوض والتحديث والمجابهة، وضرورة فعل المستحيل، ولا شيء مستحيلاً أمام الإرادة والعزيمة وامتلاك ناصية العلم والمعرفة لصنع "المعجزة".

الإعلام السوري في الأزمة الكبرى التي تمرّ بها سورية التي أُطلق عليها في الأزمنة العتيقة "بيضة الزمان" التي إذا ما اختلت اشتعلت المنطقة التي تربط آسيا بأفريقيا بأوروبا، وأطلق عليها القائد العربي الراحل جمال عبد الناصر "قلب العروبة النابض"، كان على قدر كبير من التحدي والصمود.. والتطور أيضاً.

نهض الإعلام السوري من غبار الواقع المتراكم، ورصد إعلام باعة الكاز وكل "الميديا" المعادية التي سخّرت إمكانيات كبرى، ووظّفت عشرات المليارات من العملة الخضراء من أجل إسقاط سورية ودولتها الوطنية، وفنّدها وفضحها بالحقيقة الدامغة.

في المقابل، لم يقم الإعلام الحليف لدمشق بدوره المطلوب في هذه المهمة على أكمل وجه، فلم يسهم في عمليات التعبئة والتحريض ضد المؤامرة العالمية الكبرى، ولم يبلور حركة عالمية على مستوى الشارع للتعبير والتضامن مع هذا البلد الذي يواجه الإرهاب بوجهَيْه التكفيري والصهيوني، وبعض الإعلام المرئي يقدم وجبات إعلامية على طريقة "السم في الدسم" بذريعة "الرأي والرأي الآخر".

الإعلام السوري تمكّن باللحم الحي أن يردّ ويواجه، وهنا لا نقول إنه وصل إلى مرحلة الكمال والتميّز، لكنه استطاع أن يكون على قدر كبير من رد التحدي، وكشف المؤامرة الكبرى التي تستهدف سورية، ولهذا استحق العقاب.

كانت أولى خطوات محاربة هذا الاعلام، حرمانه من البث الفضائي على الأقمار الصناعية العربية، وعلى الأقمار الأوروبية، فلم ييأس، وأوجد البدائل ليكسر أسوار الحصار، مع العلم أن نسبة مشاهدة محطات التلفزة السورية ارتفعت بنسبة كبيرة عند المواطن العربي، وصارت جزءاً أساسياً من متابعة المواطن العربي واهتماماته، بحيث إن الفضائية والإخبارية السوريتين، و"سما"، على السبيل المثال لا الحصر، صارت ثابتة في شاشات المنازل.

الزملاء من الإعلاميين السوريين طوّروا أدواتهم، وقبل كل شيء شحذوا هممهم وإراداتهم وأعلنوا التحدي، ونزلوا بأقلامهم وكاميراتهم إلى الميادين والمحاور والمتاريس مع الجيش العربي السوري؛ يعملون ويرسمون ويكتبون ويصورون، فاستحق هذا الإعلام العقاب بأعمال تفجير إرهابية، كما حصل مع الإخبارية السورية مع بداية الحرب التكفيرية – الاستعمارية على سورية، وبما يذكرنا بجريمة العدو الصهيوني مع قناة "المنار" وإذاعة "النور" مع بداية العدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006..

زملاء سوريون ارتقوا شهداء، فخطّوا بدمهم الأحرف الأولى للنصر الآتي..

جرحى لم تمنعم آلامهم وجراحهم عن مواصلة الرسالة المقدّسة، ومازالوا على الدرب سائرون..

لا أدافع هنا عن الإعلام السوري، كما لست في وارد "التبخير" لوزارة الإعلام أو وزيرها، وأنا لم أزر سورية منذ عام 1992 لكن فقط نريد أن نقول كلمة حق، في واقع نعايشه عن بُعد منذ بدء العدوان الواسع على بلاد الأمويين، لكن أمام ما نشاهد ونقرأ من نصائح من جهابزة الإعلام والصوت القوي ووو...، كان لا بد من كلمة من نوع مختلف، فحبذا لو أن المؤتمرات والدعوات والنصائح كانت أصدرت قراراً واحداً يبدأ تنفيذه فور صدوره، وهو وضع قمر صناعي في المدار الفضائي لحلف المقاومة والممانعة، يتمتّع بقدرات هائلة، فلا تتكرر تجارب قطع البث عن محطات هذا الحلف كما حصل مع قناة "العالم" قبل عدة سنوات، وكما حصل مع فضائية "المسيرة" وغيرهما الكثير.

أخيراً، لست، ضد المؤتمرات كما أني لست ضد النقد البناء والمثمر بل على العكس تماماً؛ نؤيد ونحبّذ اللقاءات وتبادل التجارب والخبرات، لكن بعض الكلام قد يكون ضرورياً من أجل الحقيقة، والحقيقة على حد تعبير أديبنا الكبير الراحل عمر فاخوري: "مُرّة المذاق، لأن لها دائماً طعم الحقيقة".

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل