قراءة في المقاطعة العربية لتركيا والتطبيع مع "إسرائيل" ـ فادي عيد وهيب

الخميس 22 تشرين الأول , 2020 08:31 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

انطلقت مؤخرا حملة شعبية واسعة في العديد من دول الخليج ودول المغرب العربي وبالأخص في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية لمقاطعة المنتجات والبضائع التركية، وقطع أي نشاط تجاري بين البلدين ووقف استثمار الخليجيين بالعقارات التركية.

وجاءت حركة مقاطعة البضائع التركية في السعودية واسعة الإنتشار مدعومة بقوة من الأمراء وبتوجيه من القصر الملكي السعودي، وهذا لم يكن مفاجئا، بعد أن هدد الرئيس التركي دول الخليج مباشرة وبالتحديد السعودية والإمارات، وهو يشير إليهما خلال إفتتاح دورة جديدة لبرلمان بلاده بداية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، حيث قال: "هناك بعض الدول في منطقتنا لم تكن موجودة بالأمس، وربما لن تكون موجودة في المستقبل القريب"، ولكن المفاجئ كان في خطوة المغرب حتى لو كانت غير رسمية، فالمغرب الذي تحكمه حكومة حزب العدالة والتنمية (وهي النسخة الأصل في الأسم والشعار والرؤية التي خرج منها النسخة التركية الحاكمة الأن)، والذي أفرز لنا إتفاق الصخيرات المشبوه كي تسلم ليبيا على طبق من فضة لكل مخططات التقسيم والفوضى، وهي أكثر الدول العربية إنفتاحا على الاقتصاد التركي، لم يكن واردا أن تتخذ مثل تلك الخطوة، إنما بسبب ما وصلت إليه العلاقة بين تركيا وجارها اللدود (الجزائر) خصوصاً على الصعيد الإستخباراتي والعسكري والسياسي، وهي العلاقة التي تستند عليها الجزائر لمناورة المغرب من جهة، ومصر عبر ملف الفصائل الفلسطينية وليبيا من جهة أخرى، ودول الخليج وفي المقدمة الإمارات من جهة ثالثة.

بينما الإمارات أبرز خصوم تركيا في المنطقة حملت أول سفنها المتجهة إلى ميناء حيفا الإسرائيلي بعد التطبيع مع دولة الإحتلال في أغسطس/ آب الماضي أجهزة كهربائية كانت الغالبية العظمى منها "غسالات"، إذ يبدو أن الاماراتيين يعلمون جيدا إحتياجات بنيامين نتنياهو الذي أستقبل بنفسه أول سفينة تجارية إماراتية ترسو بميناء حيفا، الذي تستعد إسرائيل عبر دول الخليج أن تجعل منه الميناء الأول في المنطقة، وما كان تفجير مرفأ بيروت إلا ضربة البداية، فأثناء تواجد نتنياهو في واشنطن لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين، تظاهرت المعارضة "الإسرائيلية" بالقدس المحتلة أمام منزل بيته وهي مصطحبة معها غسالات كهربائية!

وجاء ذلك بعد أن صرح موظفون في البيت الأبيض إن نتنياهو في كل زيارة له للولايات المتحدة يصطحب معه حقائب فيها ملابس متسخة، ويقول الموظفون في البيت الأبيض إنهم يوفروا خدمة غسل الملابس لكل الضيوف مجانا ولكن لا يستغلها أحد سوى نتنياهو.

ويبقى في كل ما سبق الشئ المؤكد وهو لو نجحت غسالات الولايات المتحدة أو الإمارات في غسل بملابس نتنياهو، فلن يستطيع أحد غسل تاريخه القذر، ولا يفوتنا أن المقاطعة العربية لتركيا جاءت شعبية، والتطبيع مع إسرائيل لم ولن يكون شعبيا.

فلم تعد هناك صيغة واحدة مشتركة لمفهموم الامن القومي العربي تجتمع عليه دولتين عربيتين فقط، ولن أقول نصف الدول العربية أو حتى ثلاثة منها، بعد أن تمزق الأمن القومي العربي نفسه بداية بتدمير العراق، ثم بضرب الجمهوريات العربية في 2011م، عبر المخطط الذي عرف باسم  "التوجيه الأمني الرئاسي 11" أو "11PSD" في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل