"إسرائيل الكبرى" تتوسّع إلى الصومال وجنوب اليمن _ د. نسيب حطيط

الأحد 28 كانون الأول , 2025 12:37 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يستمر المشروع الأمريكي - "الإسرائيلي" في التقدم للسيطرة على ما تبقى من العالم العربي والشرق الأوسط والقارة الأفريقية ذات الوجه العربي، مستغلاً تدهور أوضاع حركات المقاومة في فلسطين ولبنان وسقوط النظام في سوريا، بهدف القضاء على الأمة العربية ومحو أثرها عن الخارطة السياسية والعسكرية  والتعامل مع العرب  بمنزلة "صرّاف آلي" تُستغل عائداته النفطية لتمويل الانتفاضات الشعبية والجماعات التكفيرية، بغرض إسقاط الأنظمة الحاكمة واستبدالها بأنظمة تابعة لأمريكا ومتحالفة مع "إسرائيل"، وتفتيت الدول إلى إمارات صغيرة طائفية وقومية ومذهبية.
بدأت "إسرائيل" بتحديد حدودها الجديدة التي تتجاوز الحدود التاريخية المعلنة سابقاً من "النيل إلى الفرات" لتصل إلى خليج عدن والمحيط الهندي والخليج العربي، وذلك بعدما نجحت، بدعم عربي ضمني، في إبادة غزة والقضاء على المقاومة الفلسطينية المسلحة، وضم الجولان وجنوب سوريا دون اعتراض من الجامعة العربية أو الحكومة والشعب السوري. وتحاول "إسرائيل" حالياً إسقاط المقاومة في لبنان، التي تُعتبر العقبة الأخيرة والوحيدة أمام مشروع "إسرائيل الكبرى" والشرق الأوسط الجديد، لا سيما بعد استسلام العالم العربي وجزء من العالم الإسلامي واتجاههم نحو التطبيع والسلام و"الديانة الإبراهيمية".
تحاول "إسرائيل" ترميم أمنها القومي ونقطة ضعفها في "البحر الأحمر" بعد تدخل أنصار الله من اليمن الشمالي كقوة مساندة لغزة، وهو تدخل لم يكن في الحسبان الأمني "الإسرائيلي" والأمريكي، وقد نجح أنصار الله في فرض حصار بحري على "إسرائيل"، وهو ما حذر منه "بن غوريون"؛ الأب المؤسس لإسرائيل، مشيراً إلى ضرورة "إبقاء البحر الأحمر مفتوحاً في حال فرضت دول الطوق حصاراً عليها. ولكي تضمن إسرائيل انفتاحها على أفريقيا"، فسارعت "إسرائيل" لسد هذه الثغرة الأمنية الاستراتيجية عبر التحالف مع الإمارات والعمل على انفصال اليمن الجنوبي، كما بادر الاحتلال للاعتراف "بأرض الصومال - صوماليلاند " المطلة على خليج عدن والمحيط الهندي، مما يمنحها السيطرة على البحر الأحمر ويحقق لها أربعة أهداف استراتيجية:
- التهديد المباشر لحركة "أنصار الله" في شمال اليمن والتحضير لقتالها مباشرة، لمنعها من السيطرة على البحر الأحمر والقضاء عليها، وذلك بعد القضاء على حماس في فلسطين ومحاولة القضاء على حزب الله في لبنان، لإخلاء الشرق الأوسط من حركات المقاومة.
-  السيطرة على أحد أهم الممرات البحرية الاستراتيجية العالمية، والتحكم بالملاحة البحرية.
-حصار قناة السويس المصرية لتأمين قناة بن غوريون
"الإسرائيلية".
- تأمين أرض لتهجير سكان غزة إليها في أرض الصومال.
بدأت معالم "إسرائيل الكبرى" وأوتادها الجغرافية تظهر تمهيداً للمرحلة الثالثة، لتفتيت الدول الكبرى الأربع (مصر، والسعودية، وتركيا، وإيران). فالهدف الأساسي وفق المشروع الأمريكي هو تفتيت الكتل والدول الكبرى، وهو ما بدأ بتفكيك الاتحاد السوفييتي عام 1990، ثم الاتحاد الأوروبي، والقضاء على التكتل العربي الموحد وتقسيمه إلى دول منفردة، والقضاء على الدول الإسلامية الكبرى المتبقية بعد تفتيت سوريا والعراق.
أنجزت "إسرائيل" تثبيت أوتادها الجغرافية؛ ففي سوريا احتلت الجنوب والسويداء، وسيكون الوتد الكردي في الشرق السوري، ولها نفوذ في إقليم كردستان العراق، وجنوب اليمن الذي سيتم الإعلان عن ولادته، والوتد الأفريقي في "أرض الصومال"، بالإضافة إلى نفوذها في الخليج العربي.
انتحر العرب وبدأوا مرحلة الفناء السياسي والكياني عندما بدأوا الحرب على الثورة الإسلامية في إيران التي أعلنت تأييدها لهم في القضية الفلسطينية ضد إسرائيل وبدأ السقوط العربي بعد غزو الكويت وغزو أمريكا للعراق وتثبيت وجودها العسكري لتفتيت المنطقة، واستمر السقوط العربي بحصار حركات المقاومة وشن الحروب عليها، ثم إشعال الربيع العربي وإسقاط النظام في سوريا.
ظن العرب، من ملوك ورؤساء وأمراء، أنهم سينجون من الغدر "الإسرائيلي" والأمريكي، ولم يدركوا أنه بعد إنجاز مهمتهم سيتم إسقاطهم (حسني مبارك وزين العابدين بن علي) أو قتلهم (صدام حسين والقذافي) وتفتيتهم، لأن سنة التاريخ تؤكد أنه لا مكان للعملاء عند أسيادهم.
لم يفت الأوان بعد لإنقاذ ما تبقى من الأمة العربية إذا استيقظ آخر العرب وفكوا الحصار عن حركات المقاومة ودعموها وأوقفوا الحروب عليها لوقف الزحف الأمريكي - "الإسرائيلي"، وإلا فكما تفتتت سوريا ولا زالت ليبيا واليمن في حرب لن تنتهي، سيكون الدور على مصر والسعودية وتركيا وإيران.
أليس من العار أن يتغلّب بضعة ملايين من المهاجرين والمستوطنين اليهود على مئات الملايين من العرب وربما مليار مسلم؟
العار واللعنة على "شعوب" تجيد تكفير وقتل بعضها، لكنها تصمت وتستسلم أمام أعدائها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل