أحمد الشرع دمَّر الدولة السورية و"شرَّع" بناء المزارع _ أمين أبوراشد

السبت 27 كانون الأول , 2025 04:05 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

دعت ​وزارة الداخلية في حكومة أحمد الشرع المنشقِّين عن قوات الأمن أيام النظام السابق، الراغبين في العودة الى الخدمة لمراجعتها وفق إعلام رسمي يوم الخميس الماضي. وذكرت قناة "الإخبارية السورية"، أن وزارة الداخلية أصدرت بلاغاً يدعو "عسكريي ​قوى الأمن الداخلي​ من صف الضباط والأفراد المنشقين عن "النظام البائد"، خلال الفترة الممتدة بين انطلاق "الثورة" عام 2011 وحتى مطلع آذار 2020 الراغبين بالعودة إلى الخدمة، لمراجعتها قبل بداية شهر شباط المقبل.

وعن الإجراءات المتعلقة بهذا الخصوص، قالت الوزارة: "ستتم مقابلتهم ودراسة أوضاعهم، واتخاذ ما يلزم بشأن إعادة تفعيلهم للعمل ضمن وحدات قوى الأمن الداخلي وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة، وبما يضمن الاستفادة من خبراتهم السابقة والحفاظ على حقوقهم أصولاً. وقد سبق أن أطلقت الوزارة مطلع تشرين الثاني الماضي، استمارة إلكترونية مخصصة للتواصل مع الضباط المنشقين عن النظام السابق، المقيمين خارج البلاد.

ربما كان أجدى بأحمد الشرع عدم ارتجال مسألة تسريح عناصر الجيش والأمن وموظفي الدوائر الحكومية المدنية، الذين حاول الاستعاضة عنهم بعناصر عسكرية من هيئة تحرير الشام والفصائل الموالية لها، وعناصر مدنية من الأمراء والشيوخ الذين اجتاحوا كافة القطاعات الحكومية، ليكونوا المرجعيات الوحيدة في تصريف الأعمال اليومية، بحيث لا يستطيع حتى الوزراء القيام بمهامهم، قبل أخذ موافقة أمير الوزارة أو شيخها.

ولقد سبق لعناصر من الجيش والقوى الأمنية الذين كان قد تم تسريحهم، أن تقدموا من المراكز المحددة لهم لتسوية أوضاعهم بناء لطلب وزارتي الدفاع والداخلية، واختفى أثرهم وباتوا في المعتقلات، منهم قضوا تحت التعذيب، ومنهم أصيبوا بأمراض مزمنة، ومنهم الفئة المقتدرة الذين بإمكان أهلهم دفع آلاف الدولارات لتحريرهم، أما لماذا قررت حكومة الشرع إعادة التجنيد، فلأنها تعاني من نقص في كل الأجهزة الأمنية، خاصة بعدما بات طرد الأجانب والإرهابيين مطلباً دولياً، لا بل بات أحد أبرز شروط أميركا لبقاء أحمد الشرع في السلطة.

عندما دُعي العميد مناف طلاس من جانب بعض الدول الأوروبية وفي طليعتها فرنسا، للعودة إلى سوريا بهدف تكليفه بوزارة الدفاع أو قيادة الجيش السوري الجديد وإعادة بنائه، أعلن عن جهوزيته لذلك على رأس عشرة آلاف ضابط من المنشقين عن نظام الرئيس بشار الأسد، لكنه رفض الدخول في أية مناقشة تتناول دمج الأجانب في الجيش تحت أية ذريعة كانت.

الأجانب وجدت حكومة الشرع حلاً جزئياً لنحو ثلاثة آلاف منهم ينتمون إلى جماعة الإيغور، عبر دمجهم في الجيش الجديد نتيجة رفض الصين استقبالهم بشكل قطعي، لكن لا حل للأوزبك والشيشان والعرب من التوانسة والمغاربة والمصريين والخليجيين لغاية الآن، خاصة أنهم من "الجيش الوطني" المدعوم والمُموَّل من تركيا، والمتَّهم الرئيسي بمجازر الساحل واحداث حمص وجبلة الأخيرة، وكان آخرها تفجير مسجد الإمام علي في حمص منذ ساعات وسقط ضحيته نحو ثمانية قتلى وعشرات الجرحى، وتبنَّت العملية جماعة "أنصار السنة" المُنشقَّة عن هيئة تحرير الشام، وتستهدف علناً الأقليات مع اعتبارها أحمد الشرع مُرتداً مع وجوب مواجهته.

أما "الجيش الوطني" الذي يأتمر بأوامر تركية، فقد أدرج الاتحاد الأوروبي منذ أشهر ثلاثة فصائل منه وقائدين بارزين فيه على قائمة العقوبات، بتهمة التورط في المجازر الدامية التي هزّت الساحل السوري في مارس/ آذار الماضي وأودت بحياة آلاف المدنيين العلويين، فكيف سوف يتخلص أحمد الشرع من هكذا جيش يضمّ ألوية إرهابية، وقادة من أمثال محمد حسين الجاسم (أبو عمشة) قائد فصيل "سليمان شاه" وسيف بولاد أبو بكر قائد فصيل "الحمزة"، لا بل بمَن سوف يقاتلهم لو قرر الانقلاب عليهم وتطهير وزارة الدفاع منهم؟

وإذا كان أحمد الشرع قد أعطى لنفسه "شرعية" رئاسة سوريا، ونال مباركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أن نال منه الأخير التنازل عن الجولان، فإن ترامب غيَّر رأيه بأحمد الشرع أنه "قائد عظيم" بعد واقعة تدمر، وعاد الكونغرس إلى التلويح بإعادة فرض العقوبات، مع ارتفاع حجم التضخم في الاقتصاد السوري وزيادة مخاطر الاستثمار المحلي والدولي، نتيجة عدم وضوح نتائج الصراع العسكري والسياسي، في كيانٍ كانت له هيبة دولة تتمتع بالاكتفاء الذاتي والأمان الاجتماعي والوحدة السياسية خلال عهدي "الأسدين" الأب والإبن، وحوَّله أحمد الشرع إلى مزارع طائفية وفيدراليات مذهبية وعرقية ترفض التفاوض مع دمشق ما دام "حاكم دمشق" لا يملك سوى مفاتيح القصر الجمهوري، ولا يحكم محافظة واحدة من كل خارطة سوريا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل