أقلام الثبات
أصدرت وزارةُ الخارجية الأمريكية، ووزارة التجارة، ومكتبُ مراقبة الممتلكات الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، خلال الأيام القليلة الفائتة، نسخةً معدّلة من نشرتها الإرشادية الثلاثية المشتركة، وذلك لتضيف إليها إلغاء "قانون قيصر" الذي أقرّه الكونغرس مؤخّراً.
وممّا جاءَ في النسخة المعدّلة:
— إلغاءُ قانون قيصر: لقد ألغى الكونغرس القانون، مزيلاً بذلك العقوبات الثانوية الإلزامية التي كانت مفروضة على الجهات الأجنبية التي تتعامل مع الحكومة السورية.
— أنهى مكتب مراقبة الممتلكات الأجنبية رسمياً برنامج العقوبات الخاص بسورية.
— لم تَعُد العقوبات الأمريكية عائقاً أمام معظم الأنشطة التجارية المتعلقة بسورية.
— باتَ تصديرُ معظم السلع والتقنيات ذات الاستخدام المدني لسورية مسموحاً
— باتَ تصديرُ معظم السلع والبرمجيات والتقنيات الأمريكية ذات الاستخدام المدني لسورية مسموحاً من دون الحاجة للحصول على رخصة.
والسؤال البديهي هنا، ماذا تغيرّ في سورية، ولماذا أصدرت الإدارة الأميركية هذه النشرة في هذا التوقيت؟
معلوم أن صدور "قيصر" جاء بحسب ادعاء الإدارة الأميركية، كردّ عقابي ضد الحكومة السورية السابقة "التي تمارس أجهزتها الأمنية التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان في السجون"، بحسب ادعاءات هذه الإدارة، فهل أضحت حقوق الإنسان مصونةً بعد تسلم "جبهة النصرة في تنظيم القاعدة" بقيادة أبي محمد الجولاني "الحكم" في دمشق؟ ولماذا تعتقل رجل دين مسنّ في آخر العقد الثامن من العمر، كالشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون؟ الذي تعرض للتعذيب في معتقلات الجولاني، بحسب ما أكدت عائلة الشيخ المعتقل، علمًا أنه لم يدع يومًا إلى الاقتتال، ولم يفت بالتكفير، بل كان يشدد على المصالحة والتسامح في كل خطبه، حتى مع المجرمين الذي قتلوا ولده ساريا، ونبشوا قبر والده.
وفي شأن حرية الرأي المعتقد، وهذا من أبسط الحقوق الطبيعية للإنسان، فهل تحترم "سلطة الجولاني" حق الاختلاف في التوجهات الفقهية والطقسية ضمن الطائفة السنية عينها، كإتباع الطرق الصوفية، والمدرسة الأشعرية، على سبيل المثال لا الحصر؟ هذا من دون الإشارة إلى المجازر والاضطهاد والإساءات التي لحق بأبناء الطائفتين الدرزية والعلوية، بخاصة بمجازر الساحل في آذار الفائت، ثم في ريف دمشق والسويداء في تموز الفائت أيضًا. بالانتقال إلى الشؤون المتعلقة بحسن العلاقات مع دول الجوار، لاسيما ضبط الحدود، ومنع التهريب ومنع الاحتكاك في المناطق الحدودية، فهل ضبطت "سلطة دمشق" الحدود مع لبنان، ومنعت مسلحيها من الاعتداء على الجيش اللبناني؟ وهنا تجدر الإشارة إلى أن ما يسمى بـ"الأمن العام السوري" لم يوقف اعتداءاته على الجيش اللبناني، آخرها كان في الأيام الفائتة، في محلة المشرفة بين الهرمل والقاع، أثناء محاولة الجيش قطع إحدى طرق التهريب"، بحسب معلومات المؤسسة اللبنانية للإرسال (lbci)، وإذا كانت "سلطة الجولاني" حريصة على مكافحة الإرهاب، فلماذا تطالب باسترداد الإرهابيين من لبنان؟
ورغم الضجة الإعلامية التي أثارتها "سلطة الجولاني" ومن لف لفيفها في شأن "إلغاء قيصر"، غير أن الكونغرس الأميركي ألزم الإدارة بتقديم تقريرٍ حول سلوك "السلطة السورية"، بعد ثلاثة أشهر من تاريخ صدور "إلغاء قيصر"، يبرز هذا التقرير مدى التزام هذه "السلطة"، بمكافحة الإرهاب، ضبط الحدود، منع أي عمل عسكري غير مبرر ضد دول الجوار، حماية الأقليات، مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الحد من انتشار المخدرات، ومراقبة عمل المؤسسات الأمنية والإدارية بما يضمن الاستقرار في جميع الأراضي السورية. وبعد أول تقرير تصدره الإدارة الأميركية حول سلوك "الحكم السوري الجديد"، على هذه الإدارة أن تصدر تقريرًا مماثلًا كل ستة أشهر، على مدى أربعة سنوات، أي لا يزال سيبقى السيف الأميركي مسلطًا على رأس هذه "السلطة" على مدى أربعة سنوات. بناءً على ما تقدم، من الواضح جدًا أن البعد الحقيقي لـ "قيصر" سياسي بامتياز، ويتعلق تحديدًا بالاصطفاف الإقليمي للحكم السوري السابق ودوره في المنطقة، ولا علاقة له بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، وحماية الأقليات، ومنع التهريب وما إلى ذلك.
لهذا السبب "ألغت" واشنطن "قانون قيصر" _ حسان الحسن
السبت 27 كانون الأول , 2025 04:00 توقيت بيروت
أقلام الثبات
أحمد الشرع دمَّر الدولة السورية و"شرَّع" بناء المزارع _ أمين أبوراشد
الحكومة تقرّر نزع أموال اللبنانيين بعد سلاح المقاومة ــ د. نسيب حطيط
فساد السارق والمسروق _ عدنان الساحلي