صواعق الإنفجار المقبل ـ عدنان الساحلي

الجمعة 09 تشرين الأول , 2020 10:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

هل يتجه لبنان نحو إنفجار جديد للشارع يكرر احتشاد 17 تشرين الماضي، أي منذ عام بالتمام والكمال، نتيجة إنخراط قوى في الداخل في المشروع الأميركي الرامي إلى وضع اللبنانيين أمام أحد خيارين: إما الجوع بفعل الحصار المالي الأميركي وقانون قيصر وتفرعاته اللبنانية؛ ومنع لبنان من الإتجاه شرقاً لحل مشاكله الإقتصادية. أو الخضوع للشروط الأميركية والمطالب "الإسرائيلية"، التي باتت معروفة في الأرض والمياه اللبنانية وثروة النفط والغاز، إضافة إلى نزع سلاح المقاومة، بما يطمئن العدو "الإسرائيلي" على مستقبل مطامعه وعدوانيته ووجوده غير الشرعي، ليس في فلسطين فقط بل في أراض لبنانية ما يزال يحتلها.  فما بين ناقل عن الحاكم بأمر المال رياض سلامة، أنه سيوقف دعم آخر ثلاث مواد حيوية يغطي مصرف لبنان جزءاً من أثمانها هي: القمح والمحروقات والأدوية؛ وبين من يعمد إلى تخفيف وقع المصيبة، التي ستداهم معظم اللبنانيين وخصوصاً الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، بالحديث عن عقلنة الدعم وليس إلغائه، بعد أن أكل تضخم قيمة الدولار الأميركي وهبوط سعر الليرة اللبنانية معظم المداخيل، يتذكر اللبنانيون خبريات الكذب القائلة "إن الليرة بخير"، التي تبين أنها فخ هدف إلى طمأنة المواطن على مدخراته في المصارف، فاذا بالحقيقة عكس ذلك، لأن الأموال تبخرت، ما بين قسم صرفه السياسيون على فسادهم وصفقاتهم ورواتب أزلامهم وهندسات رياض سلامة مع المصارف؛ وبين قسم آخر استولت المصارف عليه وهربته الى خارج البلاد.

هذا الصاعق سيفجر غضب الشارع وستكون ردة فعله غير محسوبة هذه المرة، فايصال المواطن إلى حالة العوز والجوع، بفعل تماهي حيتان المال مع العقوبات الأميركية، بعد أن أوصل تحالف زعماء الطوائف وأصحاب المصارف لبنان واللبنانيين إلى عمق حفرة الإفلاس؛ ووقوف المواطن عاجزا عن شراء ربطة الخبز وعلبة الدواء كما عن دفع فاتورة الإشتراك في مولد الكهرباء، نتيجة عجز الدولة المزمن عن تأمين التيار الكهربائي، سيجعل المواطنين يتخطون كل الاعتبارات لإشعال ثورة ينتقمون فيها ممن سرق أموالهم وتورط في افقارهم. وإذا كانت خطة الحصار الأميركي تنصّ على دفع لبنان إلى هذا الدرك من الخراب والدمار، إكراما لأمن العدو "الإسرائيلي" وتحقيقا لأطماعه، فلماذا يتورط بعض اللبنانيين في خدمة تنفيذ مفاعيل هذا الخراب؟

والأخطر، أن إختيار البقاء أسرى سياسة الإستدانة وهي عصب كل إصلاح ينادي به الحاكمون، تعني بوضوح، أننا في مقايضة نتوجه فيها للقبول بمطالب أميركا و"إسرائيل" في صفقة القرن وخارجها، أي أننا نتوجه للقبول بتوطين الفلسطينيين والسوريين؛ والإعتراف بيهودية فلسطين دولة للصهاينة، مقابل المساعدات المالية. في حين أن التوجه نحو خيارات معاكسة في السياسة والإقتصاد، تعني أننا قررنا الدفاع عن حقوقنا الوطنية والقومية.

ولا يتوقف الأمر على ما سبق إذ أن صاعقاً آخر يتحضر لتفجير ما تبقى من صبر اللبنانيين، هو شروط الرئيس سعد الحريري للعودة إلى السراي حاكماً بأمره للقضاء على ما تبقى من قدرة اللبنانيين على العيش.

فالحريري يشترط الإلتزام بشروط مؤتمر "سيدر"، التي تلغي كل أنواع الدعم وتفرض ضرائب جديدة. وتسعى لحل المشاكل المالية والإقتصادية على حساب الفقراء. كما يشترط الحريري تنفيذ الإصلاحات التي طالب بها، بعد أن أطاحت إنتفاضة تشرين الماضي بحكومته. وأبرز خططه للحكم هي أن يكون حاكماً بأمره على حكومة إختصاصيين؛ وكأنه ليس رأس الفساد في لبنان وزعيم تحالف الفاسدين المتحكمين برقاب اللبنانيين. والأهم أن على رأس شروط الحريري بيع أملاك الدولة للتصرف بها، عن طريق الخصخصة والتشاركية، أي أن الذين سرقوا أموال اللبنانيين سيشترون بها مؤسسات الدولة، بعد أن إستولت الحكومات الحريرية السابقة على أموال الدولة والمواطنين. فهل ما قاله محمد بعاصيري النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، عن بيع الذهب لتلبية حاجات الدولة، بريء وبعيد عن سعي الحريري لإستهلاك ما تبقى من أموال لبنان وثرواته، لتنفيذ الشق الحريري في الخطة الأميركية والسعودية تجاه لبنان، لإخضاعه وضمه إلى الملتحقين بالمشروع الصهيوني من ملوك وأمراء وحكام "الإعتدال" العربي. وكثيرة هي قوى الداخل والخارج التي تريد جر لبنان إلى الإنخراط في المشروع الأميركي، من باب الحاجة إلى المال والمساعدات. وهذا سيكون مدخل الحريري لتلبية المطالب الأميركية.

فهل سيضطر اللبنانيون المقموعون بالجوع والفقر من جهة وبوباء "كورونا" من جهة ثانية،  إلى النزول إلى الشارع مجدداً، لأن الذين أفسدوا في حكم لبنان ونهبوا أمواله وثرواته وأذلوا شعبه، إلى درجة تحويله إلى شحاذين على أبواب الفاسدين، هم الذين يطرحون أنفسهم كمخلصين يريدون قتل المريض بحجة علاجه.

 

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل