أقلام الثبات
بعد مرور أكثر من عشر سنوات على الحرب العدوانية على اليمن المظلوم، بدأ صراع الغزاة الطامعين، فبعد انسحاب قطر، تطور المشهد اليمني عقب الصفعة التي وجهها أنصار الله لأمريكا وحصارهم "لإسرائيل"، وعدم تمكن السعودية من احتلال اليمن، لعجزها واستحالة تحقيق أهدافها بعد عقد من الزمن، مما دفع أمريكا لتكليف الإمارات وشتات التكفيريين وما تبقى من النظام السابق بمغامرة تقسيم اليمن إلى نصفين (الشمال والجنوب)، ثم تقسيم الجنوب إلى إماراتي وسعودي، وربما "إسرائيلي"، بعد اعتراف "إسرائيل" بأرض الصومال (صوماليلاند)، للسيطرة على خليج عدن والبحر الأحمر.
تصارعت قطر مع السعودية وانسحبت، ثم بدأ الصراع الإماراتي - السعودي ضمن مشروع الشرق الأوسط الأمريكي الجديد، ومشروع "إسرائيل الكبرى" التي تم تعديل حدودها السابقة لتصل إلى الصومال واليمن، بعد انهيار أسوار الأمة من حركات المقاومة وسقوط سوريا، وقد شجع ذلك ترامب ونتنياهو على تنصيب نفسيهما "ملوكاً" على الشرق الأوسط، ليقوما بمحو خرائطه وإعادة توزيعها إلى إمارات وكيانات ضعيفة، وإعادة العرب إلى جاهليتهم القديمة، حيث تُسمى القبائل دولاً وإمارات، واستبدال الأمة العربية بـ"الإمارات العربية المتحاربة"، وقد أنجب هذا المشروع حتى الآن لقطاء من الأقاليم الانفصالية (جنوب السودان، دروز سوريا، أرض الصومال، أكراد العراق، أكراد سوريا، نصف جنوب اليمن)، وبانتظار ولادة (دولة الأقباط في مصر، وإقليم الساحل العلوي السوري، ومنطقة ترامب الاقتصادية في لبنان، وتقسيم إيران والسعودية وتركيا).
تاريخياً، كان اليمن مقبرة الغزاة؛ إذ لم يدخله غاز وخرج سالماً، وأولى بشائر هزيمة الغزاة كانت بفضل شجاعة اليمنيين وإيمانهم وصبرهم وصمودهم لعشر سنوات، وانتقالهم إلى مستوى القوة الإقليمية التي استطاعت اجتياز آلاف الكيلومترات لتصبح إحدى دول الطوق العربي المقاومة، مما جعلها هدفاً استراتيجياً وأولوية في مشروع القضاء على قوى المقاومة، فاجتمع أعداء اليمن (مسلمون وعرب ويهود وأمريكيون وتكفيريون) لتأديبها والقضاء عليها.
ما تفعله الإمارات في اليمن يُعد صفعة على وجه السعودية وتجاوزاً لقيادتها للحرب هناك، ويمثل ضربة معنوية ومادية تهدف إلى تهميش دور الرياض، وإجبارها على تسريع عملية التطبيع، وإلا سيتم التخلي عنها بعد إعلان نتنياهو ضم جزء من السعودية إلى "إسرائيل الكبرى".
لقد بدأ مشروع "إسرائيل الكبرى" و"الشرق الأوسط الأمريكي الجديد" بهدف تفتيت المنطقة بوتيرة متسارعة وخيالية، لعدم وجود قوة مناهضة حقيقية؛ بل تحول العرب إلى حلفاء للقتلة وممولين للجماعات التكفيرية، وقد بدأ الخطر يقترب من مصر والسعودية وتركيا لتقسيمهم حتى لا يبقى أي كيان عربي أو إسلامي إلا وفقاً للأحجام التي تحدّدها أمريكا و"إسرائيل"، واستنساخ تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارات الخليج لإعادة صناعة "الشرق الأوسط الجديد" تحت مسمى "عالم الإمارات العربية المتحاربة".
لقد أثبتت الوقائع أن هذه الأمة المشلولة والذليلة كانت تحت حماية حركات المقاومة القليلة التي استطاعت كبح جماح التحالف الأمريكي - "الإسرائيلي" لأكثر من ثلاثين عاماً، وعندما تم إسقاطها وحصارها بمساعدة العرب، انهارت أسوار الأمة وتم استباحتها، لتبدأ مرحلة الاستعباد ونظام القبائل والاستعمار الأمريكي "الإسرائيلي".
لا يزال هناك فرصة للإنقاذ وإعادة تجميع ما تبقى من القوى أو الدول المعرّضة للتقسيم ، لمواجهة المشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، فالأمة لا تزال تمتلك الكثير من أوراق القوة وتستطيع التغلب على هذا المشروع إذا اتحدت، أو على الأقل توقفت عن قتل بعضها ومساعدة الأعداء على قتل ما تبقى من قوى المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق، سيوف الأمة الباقية ويمكن للأنظمة والدول المهدّدة أن تستثمر في قوة المقاومة لحماية نفسها، فالعدو "الإسرائيلي" لن يشبع مهما قُدمت له هدايا جغرافية وأمنية وسياسية... فهل يستيقظ العرب؟
إن الصراع أو الفوضى الجارية في سوريا، وما يُخطط له لتركيا ومصر والسعودية، يثير حزننا وألمنا وتضامننا مع إخواننا الذين ظلمونا ولكننا أهل مبادئ وشرف، لا نشمت ولا نحقد وهذا الوضع يريح قوى المقاومة ويخفّف الضغط عليها، ويُضعف صوت المطالبين بنزع سلاحها وهذا أحد ثمار الصبر الشجاع الذي مارسته المقاومة لكسب الوقت، حيث استطاعت شراء عام بأكثر من ألف شهيد وجريح، والكثير من الحزان والألم وقد تحتاج لشراء أشهر قادمة .
سيتصارع الغزاة على الغنائم وأوسمة العمالة والعبودية وعلى قوى المقاومة إن تجمع وتحرّك قواها وتغيير استراتيجيتها بالانتقال من الجبهات الثابتة إلى الجبهات المتحركة وتوسعة "جغرافيا القتال" لتمتد إلى "جنوب العدو" أينما وُجد، وليس فقط "جنوب الليطاني".
إنهاء مشروع أحمد الشرع قبل إنهاء سوريا _ أمين أبوراشد
الشعب اليمني يدفع ثمن احتدام الصراع السعودي - الإماراتي ــ يونس عودة
وما خُفي أعظم".. هل يكون عام التحوّلات الكبرى"؟! _ ماجدة الحاج