الشعب اليمني يدفع ثمن احتدام الصراع السعودي - الإماراتي ــ يونس عودة

الثلاثاء 30 كانون الأول , 2025 11:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تتجه العلاقات السعودية - الاماراتية الى الاحتدام أكثر فأكثر في كثير من الساحات العربية، واتخذت وجها عنيفا في اليمن، حيث وجود وكلاء لكلا البلدين , سيما مع حدوث تطورات ميدانية جديدة في محافظة حضرموت، تمثلت في تعرض مواقع عسكرية مرتبطة بفصائل موالية للسعودية لغارات جوية يرجح أن طائرات إماراتية مسيّرة غذتها ، في سياق تصعيد متزامن مع مساع لإعادة ضبط المواجهات في الساحل، وسط مؤشرات على تحضيرات سعودية لعملية عسكرية مرتقبة.
ان السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان , والامارات المتحدة بقيادة محمد بن زايد كانتا رأس الحربة في تشكيل ما سمي بالتحالف العربي لإخضاع اليمن عبر عملية " عاصفة الحزم "ولكل منهما اهداف تخصه , ولكنهما التقيا على محاربة أنصار الله بعد الانتفاضة الشعبية العارمة التي قاده , للتخلص من الوصاية الخليجية - الغربية بقيادة اميركية - بريطانية آنذاك. 
تدل كثير من المعطيات ان محمد بن زايد هو الذي ورط  بن سلمان الذي تسلم سدة القيادة حديثا , واقنعه بان اثبات جدارته امام المنطقة والعالم , يمر في الحرب على اليمن حيث كانت الرمال المتحركة , والفشل الذريع في اخضاع أنصار الله وحكومة صنعاء , والغالبية اليمنية رغم الدعم والمشاركة الدولية الغربية في العدوان مباشرة وتكشفت في مسار العدوان "العربي" على اليمن اهداف الاطراف ولاسيما اهداف الامارات في السيطرة على جزيرة سقطرى ووضع اليد على الموانئ والثروات , ما اغضب القيادة السعودية التي قامت بإرسال اشارات قاسية مرارا برفض تقسيم اليمن وهي المسألة التي تسعى اليها الامارات للسيطرة على جنوب اليمن كليا رغم الاتفاق على تقاسم النفوذ وتقاسم دعم الاطراف وحشدها لمقاتلة الشمال .
جاءت القشة التي قسمت ظهر البعير بعد ممهدات الاغتيال والسيطرة المتبادلة على المواقع ,عبر قيام قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الامارات بالكامل بالسيطرة على حضرموت الغنية بالنفط ,والمهرة , وطرد القوى الموالية للسعودية ولا سيما تحالف القبائل .
لم تستسغ السعودية ما دفعت اليه الامارات , وحاولت عبر الدبلوماسية ان يجري احتواء الامور والدعوة الى عودة قوات الانتقالي الى مراكزها السابقة بعدما سيطرت الاخيرة على الطرق والمواقع الاستراتيجية، بما في ذلك حقول النفط والممرات الحيوية للمحافظة., لكن الرفض كان صارما , ما دفع السعودية الى الدخول   على خط المواجهة ، عبر تنفيذ غارات جوية على مواقع تابعة للمجلس الانتقالي في مناطق متفرقة من وادي حضرموت ، في محاولة لوقف تقدمه نحو ما تبقى من مناطق نفوذ القبائل.
في الواقع كانت الضربات السعودية قشرية بالمعنى العسكري لكنها مصحوبة بإنذار يدعو الى ضرورة اخلاء القوات المدعومة من الامارات المواقع التي احتلها بينما قصفت مسيرات امارتية مناطق جبلية في وادي حرد، حيث يتمركز مسلحون من حلف قبائل حضرموت،  بالتوازي مع معلومات عن وصول شحنة أسلحة جديدة للمدعومين كن الامارات إلى ميناء المكلا، تضمنت معدات عسكرية متطورة من بينها طائرات مسيّرة قتالية.
يعتقد المطلعون ان تسريع التحرك الميداني للإمارات بعناوينه المختلفة , ناجم عن مخاوف حقيقية من اجتماع مجلس التنسيق بين السعودية وقطر الذي سبق السيطرة على حضرموت والمهرة بأيام حيث تمّ خلال الاجتماع التوافق بين ولي العهد السعودي وامير قطر تميم على تعزيز التنسيق في مجالات السياسة والدفاع والطاقة والتجارة والتعليم والثقافة، بما يخدم أهداف «رؤية المملكة 2030» و«رؤية قطر الوطنية 2030»
وأكّد الطرفان على المستوى الأمني والدفاعي عزمهما تعزيز الشراكة الدفاعية، وتنسيق المواقف الإقليمية لمواجهة التحديات الأمنية. كما شدّد الطرفان على استمرار التنسيق السياسي لدعم الاستقرار الإقليمي والدولي، وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
تعكس هذه التطورات تصاعد التنافس الإقليمي في شرق اليمن، مع مؤشرات على تعزيز الإمارات حضورها العسكري دعما لفصائلها في حضرموت، تحسبا لأي تحرك سعودي واسع قد يعيد رسم موازين القوى على الأرض، ويفتح مرحلة جديدة من المواجهة بين أطراف الصراع المحليين المدعومين إقليميا.
بالتوازي مع ما يجري في الميدان بدأت السلطات السعودية،  تنفيذ تغييرات كبيرة في حكومة عدن، في خطوة ينظر إليها على أنها تمهيد لتقليص نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، بالتزامن مع استعدادات لعملية عسكرية محتملة. وكشفت معلومات أن جميع المشمولين بالإقالة أعلنوا ولاءهم للمجلس الانتقالي ودعم مشروعه لتقسيم اليمن، ما يجعل القرار أداة للضغط على الانتقالي وفرض إعادة ترتيب لموازين القوى جنوب اليمن, وهناك قائمة جاهزة تضم أسماء أبرز الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين الذين أعلنوا تأييدهم لتحركات المجلس الانتقالي، وأن هذه القائمة بانتظار توقيع رئيس “المجلس الرئاسي” رشاد العليمي لاعتماد قرارات الإعفاء بشكل رسمي.
الملفت انه في خضم الصراع اصدرت قيادة قوات درع الوطن التي توالي الحكم المدعوم من السعودية بياناً قال بالحرف :تُعلن قوات درع الوطن بقيادة العميد الشيخ بشير الصبيحي، والتي يبلغ قوامها ما يقارب 32 ألف مقاتل مدرَّب وجاهز، الموقف التالي:
*أولا:* تؤكد قوات درع الوطن موقفها الثابت والحاسم بعدم الانخراط أو المشاركة في القتال الدائر بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية، وتعدّ هذا الصراع اقتتال فتنة محرَّم شرعًا، لا يجوز الزج بالقوات فيه ولا الانحياز لأي من أطرافه، وذلك استنادًا إلى فتاوى صريحة من علمائنا الثقات الذين نرجع إليهم في النوازل والدماء.

*ثانيا:* تدعو قوات درع الوطن جميع الأطراف إلى وقف التصعيد فورًا، وتغليب منطق العقل والحكمة، وتصحيح البوصلة القتالية، وإعادة توجيه الجهد العسكري، والخطط العملياتية نحو العدو الحقيقي المشترك والأخطر، العدو الذي يهدد الدين والعقيدة والمقدسات، ويفتك بالأمن والاقتصاد وسيادة الوطن، المتمثل في الميليشيات الحوثية "الرافضية".

*ثالثا:* تبيّن قوات درع الوطن أن أغلبية قوامها من أبناء الجنوب بنسبة 90%، وأن هذه الحقيقة تفرض عليها مسؤولية مضاعفة في حماية النسيج الجنوبي.

في الحقيقة الوضحة ان اليمن يستخدم حاليا كساحة لتصفية حسابات يدفع ثمنها ابناء اليمن في الجنوب بانتظار تبلور حل تقاسم ثروات الشعب اليمن الذي يعيش فقرا مدقعا , بينما عواصف الخلافات السياسية بين المكونات الموالية لهذا الطرف او ذاك ,لن تؤدي سوى الى المرارة الوطنية عبر كسب " انتصارات عسكرية" وهمية يحصد نتائجها المتصارعون الكبار .ويدفع الاثمان الباهظة , الشعب اليمني وحده.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل