الصراع الصيني ــ الأميركي يشتدّ: هونغ كونغ بلا حكم ذاتي؟

الجمعة 29 أيار , 2020 10:17 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

فصلٌ جديد مِن فصول التصعيد الصيني ــــ الأميركي افتُتح بإماطة اللثام عن قانون أمني لهونع كونغ مُرّر أمس. قانونٌ يعزّز القبضة الصينية في المدينة التي قرّرت واشنطن نزع صفة الحكم الذاتي عنها عقاباً، كونه الشرط الرئيسي لحصولها على معاملة خاصّة، وسط تهديد أميركي عالي النبرة وتلويح بفرض عقوبات على بكين

تبدو الصين مصمِّمة، أكثر مِن أي وقت مضى، على تعزيز قبضتها في هونغ كونغ، لتُنهي، مرّة واحدة، الاضطرابات التي تعصف بالإقليم التابع لها بين فترة وأخرى. وبتبنّيها قانون الأمن القومي في مدينة تتمتّع بحكم شبه ذاتي بموجب مبدأ «بلد واحد ونظامان»، تعتزم بكين وضع حد لحراك انفصالي لا ينفك يكبر في المدينة التي باتت في صلب توتّر صيني ــــ أميركي متصاعد، يضاف إلى مجموعة واسعة مِن الأزمات التي خلقتها إدارة دونالد ترامب لاحتواء الصين: مِن لعبة تحميلها مسؤولية نشر الوباء، إلى تجدُّد الخلافات حول الحرب التجارية وتايوان، وغيرها من القضايا التي مِن شأنها أن تضع أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم «على شفير حرب باردة جديدة»، والتعبير لبكين.

في قاعة قصر الشعب في بكين، وبحضور الرئيس شي جين بينغ، صوّت نواب الجمعيّة الوطنية الشعبية، البالغ عددهم نحو ثلاثة آلاف، لمصلحة قانون الأمن القومي في هونغ كونغ، والذي أثار تحرّكات جديدة قوبلت بالقوّة في المدينة. إزاء قانونها المستحدث، تسعى الصين إلى ردع أي مساعٍ انفصالية، وخصوصاً بعد حراك مناوئ لها شهدته هونغ كونغ العام الماضي على خلفية مشروع قانون يخوّل سلطات الإقليم تسليم المجرمين والمتهمين المطلوبين إلى برّ الصين الرئيسي، قبل أن يتّخذ منحى تصاعدياً اتّسم في أحيان كثيرة بالعنف والفوضى، ودعوة واشنطن، التي انتشرت أعلامها في الساحات والميادين، إلى «تحرير» المدينة من قبضة بكين. الأخيرة أوضحت، في غير مناسبة، أن القانون يمثّل أولوية أمن قومي بالنسبة إليها، ولا سيّما أن اتساع نطاق الحركة الاحتجاجية ومطالبها المتزايدة بالانفصال عن المركز، فضلاً عن استنجادها بالغرب، سرّع في فرض التشريع. وفيما يخشى معارضو القانون مِن سكّان الإقليم أن يفتح الطريق أمام تقلّص الحرّيات في المركز المالي، تؤكد سلطات المدينة أن القرار لن يمسّ بالامتيازات الممنوحة للمدينة بموجب مبدأ «بلد واحد ونظامان». و يكلِّف الإجراء اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الشعبي الصيني صياغة مشروع قانون سيتم إدراجه في دستور هونغ كونغ المصغّر، ينصّ على أن يسمح هذا القانون «بمنع ووقف وقمع أي تحرّك يهدّد بشكل خطير الأمن القومي مثل النزعة الانفصالية والتآمر وإعداد أو الوقوف وراء نشاطات إرهابية، وكذلك نشاطات قوى أجنبية تشكّل تدخّلاً في شؤون» المدينة، بعدما اتّهمت بكين، مراراً العام الماضي، قوى أجنبية وخصوصاً أميركية، بتدبير الاضطرابات في الإقليم. كما يقضي المشروع بالسماح لهيئات تابعة للحكومة المركزية بإقامة فروع متخصّصة بالأمن القومي في المدينة. ويمكن اللجنة الدائمة للمؤتمر الوطني الشعبي أن تبدأ مناقشة النص اعتباراً من حزيران/ يونيو، وأن يتم تبنّيه في نهاية آب/ أغسطس، كما ذكر موقع «إن بي سي أوبزرفر» المختص بشؤون البرلمان الصيني.

ويصرّ معارضو القانون على أنه يشكِّل نهايةَ صيغة «بلد واحد ونظامان» التي تحكم العلاقات بين بكين وهونغ كونغ منذ إعادة المنطقة إلى الصين في 1997. صيغةٌ ساهمت في جعل المستعمرة البريطانية السابقة موقعاً مالياً دولياً مهمّاً يؤمّن للصين مدخلاً اقتصادياً إلى العالم. لكن ذلك أصبح من الماضي، بعدما قرّرت وزارة الخارجية الأميركية إلغاء الوضع التجاري الخاص الذي كانت تتمتّع به هونغ كونغ، في إجراء عقابي وصفته الصين بـ«الأكثر وحشية ولا عقلانية وعاراً». وبصفته وزيراً للخارجية، قرّر مايك بومبيو نزع صفة الحكم الذاتي عن المدينة، قائلاً: «لا يمكن أحداً أن يؤكد اليوم أن هونغ كونغ تتمتّع بدرجة عالية من الاستقلالية عن بكين».
ولتزخيم الحراك المناوئ للصين، أعطى الكونغرس الأميركي ضوءه الأخضر النهائي على مشروع قانون ينصّ على فرض عقوبات تستهدف مسؤولين صينيّين على خلفية قضية أقلّية الإيغور في إقليم شينجيانغ، ما سيؤدّي إلى تصاعد التوتر الكبير أساساً بين واشنطن وبكين. وصوّت مجلس النواب الأميركي على النص بغالبية 413 صوتاً مقابل صوت واحد، بعدما تبنّى مجلس الشيوخ مشروع القرار بالإجماع منتصف الشهر الجاري. نظرياً، يمكن ترامب تعطيل النص، لكن الكونغرس يستطيع جمع الغالبية الموصوفة لتجاوز ذلك بما أن النص يتجاوز، وفي واحدة من المرّات النادرة، الخلافات الحزبية في واشنطن.

 

المصدر: الأخبار


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل