الحريري .. يلعب الشطرنج على رُقعةٍ ساخنة ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 11 كانون الأول , 2019 10:07 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

قبل أن نُلقي اللوم على الشارع السُنَّي الحائر، أو على دار الفتوى التي زكَّت الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة، فإن لعبة "كش ملك" التي حصلت بتطيير الصفدي وطبارة والخطيب ليست مجرَّد مسرحية من "بيت الوسط"، بل محاولة من الحريري لإبعاد الكأس المُرَّة عنه، لأن الرجُل سمِعَ تحذيرات أميركية واضحة بتاريخ 16/08/2019 من مسؤول في الخارجية الأميركية، وإنتقاداً لأداء حكومته بمواجهة "سلوك" حزب الله، وتلقى تعليمات من مايك بومبيو بما يجب أن تقوم به حكومته في هذا الصدد، الى أن أعلن استقالة تلك الحكومة تحت ضغط الشارع، الذي حرَّكته أميركا على الطريقة الفنزويلية في حرب تجويعٍ للبنانيين، وتخييرهم بين مواجهة حزب الله أو الإنهيار الإقتصادي الشامل، وما تمسُّك الحريري بحكومة التكنوقراط سوى محاولة منه للهروب الى الأمام سياسياً، ليتحاشى الغضب الأميركي الذي بدأت ترجمته الفعلية عبر العقوبات القاسية على لبنان منذ الصيف الماضي.

طريقة العصا والجزرة، التي تعتمدها أميركا مع لبنان عبر التزامها المشروط بدعم المؤسسات اللبنانية للحفاظ على أمن واستقرار لبنان، شرط التصدِّي لتهديدات إيران وحزب الله، هي التي تحشُر الحريري في الزاوية، وتُلزِمُه باستكمال لعبة "كش ملك" مع وزير الخارجية جبران باسيل، وليس باسيل هو المُستهدف، بل السياسة الخارجية لعهد الرئيس ميشال عون، والخطاب السياسي المُدافع عن المقاومة للرئيس وصهره، وموقفهما من مسألة ضرورة عودة النازحين السوريين الى بلادهم، ومن كل سيناريوهات "صفقة القرن" المرفوضة لبنانياً، ولا بأس على الحريري لو استنهض نفسه إذا نأى باسيل بنفسه ومعه التيار الوطني الحر عن المشاركة في الحكومة بهدف تسهيل التأليف.

لبنان يدفع ثمن رفضه لصفقة القرن الأميركية - الإسرائيلية - السعودية بكل مندرجاتها ومكائدها، والمتغيرات الإقليمية ما زالت رمادية، سيما وأن وضع إسرائيل الداخلي ليس مستقراً، وهي من انتخابات نيابية الى أخرى مقررة في آذار المقبل، والسعودية تُرمِّم وتُجدِّد مبنى سفارتها في دمشق تمهيداً لعودة العلاقات ولو على مستوى قائم بالأعمال، وهي مهزومة من سوريا الى اليمن، وبلغت هزيمتها حدود قطر، التي وجَّه الملك سلمان دعوة الى أميرها للمشاركة في القمَّة الخليجية بالرياض، فطار أمير قطر الى رواندا في رفضٍ صريح للدعوة السعودية وأوفد رئيس وزرائه لتمثيل قطر في القِمَّة، وهذه الرمادية في موازين القوى تجعل لبنان وسط رماد المجهول سياسياً، وتحت رحمة "أصدقاء لبنان" إقتصادياً، في المؤتمر الذي يُعقد اليوم الأربعاء في باريس.

ولأن لبنان هو الورقة الأخيرة التي تلعبها أميركا لمواجهة محور المقاومة، فإن الوضع الحكومي مفتوحٌ على احتمالين، إما استمرار الحريري ومعه لبنان على رقعة الشطرنج الساخنة، أو قبول الحريري بالتكليف واستمراره على رأس حكومة تصريف الأعمال مع تأليف مؤجَّل الى ما شاء الله وشاءت القرارات الدولية، التي تحكُم الحريري وتجعله مَلِك الرُقعة بين "كش ملك" لسواه وبين أنا "الملك" وبشروط واشنطن ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل