الحريري بين "المزرعتين" .. الأميركية و اللبنانية ـ  أمين أبوراشد

الأربعاء 04 كانون الأول , 2019 11:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

الغداء الحميم في مزرعة الرئيس سعد الحريري بضواحي واشنطن في منتصف آب الماضي، الذي جمع عائلته مع عائلة وزير  الخارجية الأميركي مايك بومبيو، تخطى بمضمونه "الخبز والملح" وتذوُّق الشاورما اللبنانية، لأن الوضع اللبناني التفصيلي كان على الطاولة، والطبق الرئيسي هو حزب الله وكيفية تمزيقه وكأنه قطعة خبز في أوهام الأميركيين، القادرين عبر صندوق النقد الدولي على فرض أقصى العقوبات على لبنان ليشتهي اللبنانيون الخبز، وأعلنوا صراحة مقولة: على اللبنانيين الإختيار بين لبنان المُزدهر وبين حزب الله، ويدفع لبنان اليوم ثمن إعتلاء "وكلاء أميركا"الحراك المطلبي بعد مرور شهرين على وليمة الحريري لبومبيو . 

وبصرف النظر عن الحميمية الشكلية لذلك الغداء العائلي، فإن وكالة "سكاي نيوز" ذكرت بتاريخ 16/08/2019 أن لقاء الحريري مع مسؤول في الخارجية الأميركية، سمِعَ خلاله رئيس الحكومة اللبنانية إنتقاداً ارتقى الى درجة التحذير من أداء حكومته بمواجهة "سلوك" حزب الله، وما الذي يجب أن تقوم به هذه الحكومة من وجهة النظر الأميركية.

وعلى طريقة العصا والجزرة، أكَّد بومبيو  بدوره من على مأدبة الحريري، التزام الولايات المتحدة في دعم المؤسسات اللبنانية، للحفاظ على أمن واستقرار لبنان، والتصدي لتهديدات إيران وحزب الله، وردَّ الحريري بالثناء على "الدعم الأميركي للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، مؤكدا التزام لبنان مكافحة الإرهاب".

لا يُحسَد الرئيس الحريري على التهديدات الأميركية الواقعية له، وعودته الى لبنان حتَّمت عليه التوفيق بين ما سَمِعه في "مزرعته الأميركية" وبين "المزرعة اللبنانية" التي ورِثها عن الوالد وبلغت ديونها 100 مليار دولار نتيجة فساد مَن ورِثوا الوالد معه وتوارثوا الحُكم من بعده، وعندما بدأ الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول، وَجَد نفسه في موقفٍ ضعيف، لأن الدعم الأميركي له مشروط وكذلك الموقف السعودي، فاختار أن "يركب" أكتاف الحراك عبر تقديم استقالة حكومته، ضارباً بعرض الحائط التسوية الرئاسية وحالماً بتعاطف الشارع، لكن الشارع خذله ولم يصدح له بتغريدة "أنت أو لا أحد".

ومع إدارة أميركية على رأسها تاجر وقِح مثل ترامب، يبيع الأمن والأمان مقابل المال، كما يفعل بالمملكة السعودية في نهبها وإذلال عرشها، لا يستطيع الحريري سوى أن يكون أداةً أميركية أو أن ينكفىء ويضع سمير الخطيب أو سواه في الواجهة، لأن المُتغيِّرات الإقليمية لايستطيع الحريري تجاهلها، ولا تستطيع حتى أميركا تغيير معادلاتها عبر زرع الفوضى في إيران أو العراق أو لبنان.

وفي الوقت الذي نجد فيه أميركا تُهادن إيران، والسعودية تدعو قطر لحضور القِمَّة الخليجية، والقائم بالأعمال الإماراتي في سوريا يُحيي العيد الوطني لبلاده في دمشق ويُشيد بالعلاقات الأخوية وحكمة الرئيس بشار الأسد، كلها مُتغيِّرات لا يقرأها الرئيس الحريري على لائحة الهزائم الأميركية في المنطقة، ورحيله أفضل له بدل أن يرتضي لنفسه أن يكون رأس حربة أميركية في مواجهة محور المقاومة، لأن لبنان يكفيه دماراً إقتصادياً كما المزرعة السائبة من زمن الحريري الأب، وكل ما سمعه سعد الحريري في مزرعة واشنطن من بومبيو غير قابلٍ للبحث والتطبيق لأن المزرعة اللبنانية سوف تُبنى على أنقاضها دولة سيادية في مواجهة أميركا وكل العملاء والوكلاء ...

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل