من نفحات الحكم العطائية ... "إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رعونات النفس"

السبت 08 حزيران , 2019 09:12 توقيت بيروت تصوّف

الثبات - إسلاميات

 

"إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رعونات النفس"

 

بعد مضي شهر رمضان الكريم نعود على واحة الإمام العارف ابن عطاء الله السكندري في حكمه التي جمعت معانٍ عظيمة مكسوة بنور القلوب المنورة بالأنوار الإلهية، وفي هذه الحكمة يتعرض الإمام رضوان الله عليه لقاعدة مهمة في الأعمال، والمقصود بالأعمال في هذه الحكمة الأعمال والوظائف الأخروية.

إنَّ الإنسان دائم الانشغال بدنياه، ومشاغل الدنيا لا تنقضي، وذلك لأنَّ الإنسان لا يشبع منها مصداقاً، لقول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم:"لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب لتمنى أن يكون له واديان، وما ملأ جوف ابن آدم إلا التراب".

 قال الشاعر:

نروح ونغدو لحاجاتنا .... وحاجات من عاش لا تنقضي

فهذه الحكمة تحذر الإنسان من تأخير الأعمال الصالحة التي طالبه بها الحق سبحانه وتعالى من أجل سعادته الأخروية إلى أن يتفرغ من مشاغل الدنيا، فإنَّ هذا التفكير وهذا التسويف هو من رعونات نفسه أي من حمقها، لأنَّ النفس أمّارة بالسوء فهي لا تشبع من الدنيا وشهواتها. والنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: "الكيّس (العاقل) من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على اللّه الأماني". وقديماً قالوا: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

وروى الحافظ ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف : "ما من يوم أخرجه اللّه إلى أهل الدنيا إلا ينادي: ابن آدم اغتنمني لعله لا يوم لك بعدي. ولا ليلة إلا تنادي: ابن آدم اغتنمني لعله لا ليلة لك بعدي".

لا تجعل عملك التجاري يأخذ كل حياتك، ولا تجعل كل عملك للدنيا، فالإنسان العاقل لا يؤثر الدنيا على الآخرة بتأجيله الأعمال الصالحة إلى وقت فراغه. قال ربنا تبارك وتعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ اَلْحَيٰاةَ اَلدُّنْيٰا وَاَلْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقىٰ}.

ومما قيل في ذلك: "ألا وإنَّ من علامة العقل التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود والتزود لسكنى القبور والتأهب ليوم النشور".

فعلى الإنسان أن يكون كيّساً فطناً ثاقب الذهن فيبادر إلى انتهاز الفرصة في الأعمال الصالحة قبل أن يفاجئه الأجل المحتوم فيندم على ما فرط في جنب اللّه سبحانه وتعالى.

 

إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُكَ فَاغْتَنِمْهَا

فَإِنَّ لِكُلِّ خَافِقَةٍ سُكُونْ

وَلاَ تَغْفَلْ عَنِ الإِحْسَانِ فِيهَا

فَمَا تَدْرِي السُّكُونُ مَتَى يَكُونْ

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل