نتائج قِمَم مكَّة .. "قِمَّة الخيبات" ـ أمين أبو راشد

الأربعاء 05 حزيران , 2019 12:40 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تماماً كما يستخدم إمام الحرم المكِّي مِنبر الدين ليسأل المؤمنين الدعاء لوليّ الأمر السعودي، والدعاء على من يَعتبرِهُم آل سعود خصومهم وأعداءهم، كذلك فعل الملك سلمان باستغلال موقع مكَّة المُكرَّمة سياسياً، ليدعو الى عقد ثلاث قِمَم خلال مهلة لا تتعدَّى 48 ساعة يوميّ الخميس والجمعة الماضِيَين، والمؤسف بدايةً، أن موعد هذه القِمَم تزامن مع "يوم القدس" الذي أحيَتهُ 34 دولة حول العالم، ولم يُحرِّك الحياء تلك الأنظمة التي اجتمعت بإشارة من مملكة النفط والريالات.

وإذا كانت قِمَّة منظمة العمل الإسلامي مقررة مُسبقاً، فإن السعودية ارتأت دعمها بِقِمَّتين إستثنائيتين، عربية وخليجية، والهدف واحد: جمع أكبر عدد ممكن من زعماء العالمين الإسلامي والعربي حول العرش السعودي لإدانة إيران، المُتَّهمة بأنها وراء إطلاق الصواريخ التي أصابت موقِعيَن نَفطيَّين في السعودية، وأعمال تخريب في بواخر نفطية على ساحل الفُجيرة إحدى الإمارات العربية المتحدة.

وكان للسعودية ما أرادت من بيانات الشجب والإستنكار، التي باتت منسوخة عن البيانات السابقة لكل القِمَم الإسلامية والعربية والخليجية، لكن هذه القِمَم لن تُغيِّر حرفاً واحداً من معادلات توازن الرعب بين إيران ومعها محور المقاومة، بمواجهة أميركا وأدواتها، خاصة أن الرئيس السويسري - بصفته الوسيط الدولي بين إيران والولايات المتحدة منذ مباحثات الإتفاق النووي – حَمَل عرضاً أميركياً للتفاوض مع إيران دون شروط، تزامناً مع النكسات التي مُنِي بها حليف السعودية بنيامين نتانياهو في تشكيل حكومته، والدعوة الى انتخابات مبكرة في سيتمبر/ أيلول القادم، إضافة الى الدعاوى المُقامة ضده بتهمة الإختلاس والتي سينظر فيها القضاء بحلول شهر أكتوبر/ تشرين الأول.

وعليه، لا تستحق هذه القِمَم أي تقييم، بقدر ما أن الشعوب العربية مطلوب منها عملية تقويم لبعض الأنظمة التي تأتمر بإشارة أميركية حفاظاً على عروشها دون خجل، بحيث أن صاروخين سقطا على المملكة استدعيا ثلاث قِمَم، ومئات آلاف الصواريخ على اليمن لا تستدعي ذلك، وعملية تخريب بضع بواخر نفطية تستدعي ثلاث قِمَم، والدماء العربية من فلسطين الى سوريا الى اليمن لا تستحق رفَّة جفن من بعض العرب.

ومن تمايُز الموقف القطري في اعتباره أن البيانين الصادرين عن القمتين العربية والخليجية، أهملا القضايا المركزية في المنطقة مثل القضية الفلسطينية والأزمتين الليبية واليمنية، وبالتالي إعلان قطر تحفظها، الى الموقف الإيراني الذي عبَّر عنه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن السعودية استغلت شهر رمضان لأغراض سياسية، وعبَّر عن ثقة بلاده أن البيان الختامي للقمة العربية لا يعبِّر عن رؤية جميع الأعضاء في جامعة الدول العربية، فيما توجَّه الرئيس حسن روحاني برسالة إلى قمة منظمة التعاون الإسلامي، داعياً إلى عدم تشتيت العالم الإسلامي بعيداً عن القضية الرئيسية في فلسطين.

قِمَم لا قيمة لها أمام الإستحقاق الآتي نهاية الشهر الجاري عبر "قِمَّة المنامة" في البحرين، وإذا كانت منظمة العمل الإسلامي ارتضت أن تكون طرفاً ضد أعظم دولة إسلامية في المنطقة وهي إيران، فإن قمَّة المنامة ستدفع أثمانها دولة محكومة إقتصادياً وسياسياً بأجندات أميركا والسعودية وإسرائيل وهي الأردن، لو قُدِّر لما تُسمَّى "صفقة القرن" أن تنطلق من المنامة لبيع القضية الفلسطينية بالمزاد العلني الفاضح، ولذلك، كان على ملك الأردن - الذي ترجَّل من طائرته بملابس الإحرام - أن يعلم بأن ما يُرتكَب بحق فلسطين من حرام سيكون هو أول دافعيّ أثمانه. 

منذ عشرات السنوات والأردن مطروح كوطن بديل للفلسطينيين، والملك عبدالله الثاني هو الأولَى بمواجهة "صفقة القرن"، لا بل هو يضع الحبل حول عُنُقِه لو سار بها، لأن الأردن بات ديموغرافياً مُنقسماً الى نصفين:

أردنيون حريصون على العرش الهاشمي ويشكِّلون 50% من سكان الأردن، يُقابلهم 50% من الفلسطينيين الذين يتوزَّعون في الأردن ضمن ثلاث فئات: أردنيون من أصل فلسطيني، وفلسطينيون يحملون رقماً وطنياً من الضفة الغربية ويُقيمون في الأردن، وفلسطينيون يعيشون كلاجئين قي المخيمات القديمة والمُستحدثة، وكلا النصفين من سكان الأردن يرفضان صفقة بيع فلسطين، ولكل فريقٍ أسبابه في رفض الصفقة حتى ولو انهار العرش وباتت الساحة الأردنية "بسطة المزاد" لإتمامها ولكن، لغاية الآن، لا يبدو أن "صفقة القرن" الملعونة هذه ستُبصِر النور، بفضل مواقف إيران ومعها محور المقاومة والحلفاء من جهة، وضعف محور أدوات أميركا في القِمَمِ الخائبة من جهة أخرى ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل