قصة رجل شجاع .. كهرب الريف وعزز التعليم ووضع لبنات الدولة الحديثة ـ أحمد زين الدين

الإثنين 03 حزيران , 2019 01:00 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لا أدري ولا أعرف لماذا لا يتم إحياء ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد رشيد كرامي على نطاق واسع، ليس لأنه كان سياسياً لامعاً، ولا لأنه صاحب خطاب ونكة سياسية لاذعة وتحمل معاني سياسية عميقة، بظرافة نادرة.

ينبغي الاحتفال بذكرى الرشيد، لأنه كان رجل المهمات الصعبة، ورجل الدولة البارز، والعروبي المميز، والوطني الكبير، صاحب التجربة الرائدة في بناء لبنان.

وفي كل مرة تولى فيها الشهيد الكبير الذي انتخب نائباً للمرة الأولى عام 1951، المسؤولية كان يترك بصمة على الحياة السياسية الرسمية منذ أن تولى للمرة الألى وزارة العدل في العام 1951، لتبرز قدراته ومواهبه كرجل دولة رفيع مع تبوئه رئاسة الحكومة للمرة الأولى عام 1955 في عهد الرئيس كميل شمعون، وكان يومها أصغر رئيس حكومة في العالم، إذا لم يكن قد تجاوزعمره الـ34 عاماً، لكنه أثبت مقدرات عالية على مستوى إدارة السلطة والحفاظ على المال العالم، بالإضافة إلى دوره الوطني الكبير، وهو ما جعله يصطدم سريعاً مع الرئيس شمعون.

وبعد الأحداث الخطيرة في العالم 1958، وانتخاب قائد الجيش اللؤاء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، كان الرشيد إلى جانب الأمير الشهابي لإزالة مخلفات فتنة الـ 1958 والبدء في مسيرة بناء الدولة الحديثة، فكانت عمليات الإصلاح الواسعة وبناء المؤسسات والهيئات الرقابية وتوفير الضمانات الاجتماعية، وكهربة الريف، حيث وصل النور إلى قرى البقاع والجنوب والشمال البعيد والتي تسمى النائية، كما تم التوسع في التعليم الرسمي، وبناء وفتح المدارس الرسمية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب والبقاع، لأنه كان يعتبر أن الاستثمار الأهم هو الاستثمار في الإنسان.

وفي كل المرات التي كان فيها الرشيد يتولى رئاسة الحكومة، كانت تقوم المشاريع النوعية بأقل الأسعار، وكانت الاتفاقات تقوم من دولة إلى دولة دون وسطاء وسماسرة، وكان في عهده يمنع التلاعب بالأسعار، فتشهد فترة توليه المسؤولية استقراراً اجتماعياً واقتصادياً، ويكون هناك الوفر الكبير في خزينة الدولة وتحسين ميزان المدفوعات وتوازنه.

في مسيرة رجل الدولة الكبير الرئيس الشهيد رشيد كرامي، كانت المصلحة الوطنية هي التي تتحكم بعمله، ولهذا رغم المشاريع النوعية التي كانت تقوم في عهده إلاَّ أنه لم يسجل على الدولة ديون خارجية ولا داخلية، وكان يترك فائضا كبيراً في الخزينة العامة، وخصوصاً أنه في معظم الحكومات التي كان يشكلها، كان يحتفظ بوزارة المالية، في عهد حكومات الرشيد لم يكن يساوم ولا يهادن وكان المال العام عنده مقدساً، بعكس ما هو بعد 1992.

كان الرشيد بعكس كثير من السياسيين، فالحكم عنده لم يكن صفقات ومشاريع وحسابات الربح والخسائر الشخصية، فقط المصلحة الوطنية العامة هي التي تحكم نهجه وسلوكه وتطلعاته، وبعكس كل الفترة التي شهدناها منذ العام 1992، حيث كانت الحسابات الشخصية وحسابات الربح التي تتحككم بهذه المرحلة المرة من تاريخنا الوطني والتي ندفع الآن أغلى أثمانها.. رحم الله الرشيد.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل