​ النازية بصور جديدة .. أميركا الاسرائيلية أنموذجاٌ ـ يونس عودة

الثلاثاء 14 أيار , 2019 10:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في التاسع من ايار احتفلت روسيا بعيد النصر على النازية الهتلرية، والفاشية الموسولينية في الحرب الوطنية العظمى - ( الحرب العالمية الثانية)، وهي الحرب التي اعقبت الازمة الاقتصادية العالمية،او كانت الازمة احد الاسباب الرئيسية لتلك الحرب التي دفع فيها الاتحاد السوفياتي الذي كان دولة وليدة مستهدفة من الغرب الاستعماري البشع، 23 مليون شهيد في سنوات الحرب الخمس ثمنا للنصر المخضب بالدم والدموع والمأسي والجوع.

لقد غيرت الحرب العالمية الثانية وجه العالم، وفرض الاتحاد السوفياتي نفسه،ليس لان الجيش الاحمر هو من رفع علمه على الرايخستاغ واجبرالجيش الالماني على توقيع الاستسلام، بل وايضا بسبب مساعيه لبناء السلام والاستقرار الدولي على قواعد عدة من ابرزهاعلى المستوى السياسي  حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا الامر نقيض للغزو والاستعمار والاحتلال بكل اشكاله - اقانيم لم تغادر العقل الغربي الموروث لدى السلطات الحاكمة -، فضلا عن المساهمة الكبرى في انشاء منظمة الامم المتحدة على انقاض عصبة الأمم التي كانت سائدة قبل تلك الحرب، بادخال تعديلات جوهرية.

لقد بقيت اوضاع العالم متوازنة الى حد معقول رغم الحروب العدوانية الغربية ولاسيما منها الاميركية بهدف تطويع ما امكن من دول العالم، واتخذ الاتحاد السوفياتي موقفا مساندا للشعوب المضطهدة وقدم التعليم العالي للشباب الطامح في التحصيل من الدول النامية مجانا او شبه مجاني، وبقيت الامور على هذا المنوال حتى انهيار الاتحاد السوفياتي. ومنذ ذلك  الوقت (1991)، انتقلت الولايات المتحدة الاميركية كقوة عالمية مرتكزة الى اقتصاد هو الاقوى عماده نهب ثروات الشعوب بالقوة العسكرية او التهديد الامني الى مرحلة السفور الكامل عن طموحاتها باعتبار ان لا قوة في العالم يمكن ان تقف في وجهها، مصابة بالغرور نفسه الذي كان نقطة ضعف "الفوهرر" ادولف هتلر وطموحاته المرتكزة الى قوة القهر النازية، والتي وجدت لها حلفاء، بعضهم رعباً من الآتي، وبعض كحلفاء طبيعيين،لانهم من الطبيعة نفسها، كـ"الدوتشي" بينيتو موسوليني في ايطاليا. وانطلق الحديث عن وحدانية القطب الذي لا يمكن ان يهزم، وان على الجميع ان يكون مجرد بيادق لهذا القطب الاوحد في العالم، باستثناء "اسرائيل" التي هي من طبيعة التكوين نفسه الذي يحكم الولايات المتحدة - اي الغزاة الاوائل للقارة الذين ابادوا الحضارات التي كانت موجودة،وهمشوا من بقي من تلك الشعوب حيا. بينما لم يعد في الكرة الارضية وطن محتل بالقوة المباشرة سوى فلسطين.

لقد اقدمت الولايات المتحدة على اجبار الامم المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي على اسقاط صفة العنصرية عن الحركة الصهيونية التي سبق للجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من تشرين الثاني 1975 أن اعتبرت "الصهيونية" شكلاً من اشكال العنصرية والتمييز العنصري، وقد استلهمت الادارات  الاميركية المتعاقبة جوهر العنصرية واساليب الترهيب النازي بكل تكويناته وطورت وحشيتها في العنصرية والترهيب والمصادرة والاقتلاع والقمع والاحتلال، وهي الاساليب نفسها التي يمارسها الكيان الصهيوني في فلسطين والمحيط، وابعد من المحيط  بالاعتماد على القوة، والتمرد على القوانين الدولية التي وقعت عليها كالتزام دولي، وتسييد شريعة الغاب - اي الحياة للاقوى، او بمعنى اخر للاكثر وحشية، ونشر الفتن، ورفض الحوار مع الاضعف مهما كان ومن كان، وضرب القيم الانسانية، بموازاة سياسات التضليل والاكاذيب باستخدام شعارات الحرية والديمقراطية والعدالة، المستلهمة من افكار وزير الدعاية الهتلرية جوزف غوبلز، مؤسس مدرسة الكذب والتضليل والخداع والتوهين الوطني، وتشويه المعتقدات الدينية والوطنية، والتطويع النفسي بفقدان الامل والقدرة و نشر مقولات في هذا المضمون -فقدان الشعوب القدرة على مواجهة القوة العاتية على التغيير، وان العين لا تقاوم المخرز، ومن ثم التسليم بما يسمونه واقع، على انه مشيئة الهية، وبالتالي على العالم ان يقبل بان تكون دوله مجرد بيادق تحركها القوة المشينة، حسب موقعها، وليس من الدلائل السافرة فقط كيف  يخاطب الرئيس الاميركي دونالد ترامب حكام السعودية، بان عليكم ان تدفعوا لنا المال مقابل حمايتكم، لا بل يكرر مثل هذا الخطاب الاذلالي في كل مناسبة للتأشير على القوة الغاشمة التي يملك ناصية تحريكها من جهة، وللتدليل على خنوع وانصياع مثل اولئك الحكام لتلك الارادة الوحشية.

لم يكن اعتى من القوة النازية الهتلرية في القرن الماضي، وقد هزمت حين هبت الشعوب للدفاع عن اوطانها، بينما الخانعون جاء من يحررهم من نيرها، وان النازية والفاشية لم تنتصرا في اي مكان في العالم لانهما الاقوى، لا بل انتصرتا احيانا بسبب خنوع اصحاب القضية المحقة وتشتيت قواهم،وبالتالي يمكن هزيمة االفاشية الاميركية - الاسرائيلية، ودروس كثيرة ماثلة - فييتنام عبر المقاومة - لبنان عبر المقاومة - غزة عبر المقاومة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل