ما هي الاستعدادات إذا تطوّرت الحرب؟ ــ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 02 كانون الأول , 2025 11:35 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يعيش الناس منذ شهرين أو أكثر حالة من القلق والخوف، بسبب التهديدات والتخويف بتصعيد الحرب التي تقتصر الآن على الاغتيالات والقصف، إلى مستوى الاجتياح البري والجوي، لحسم المعركة مع المقاومة ونزع سلاحها بالقوة.
 يتناوب المسؤولون "الإسرائيليون" على إطلاق هذه التهديدات خلال جولاتهم المشتركة مع الضباط والمبعوثين الأمريكيين على الحدود، أو مع الثنائي الأمريكي المتمثل بـأورتاغوس وبرّاك، يساعدهم في ذلك السفراء والموفدون العرب الذين يقدمون النصيحة الأخوية وعدم تفويت فرصة "الاستسلام الذهبي"، بالتزامن مع تفعيل أدواتهم الداخلية التي تهدد بالويل والدمار والتهجير، بمشاركة بعض الإعلاميين، عن غير قصد، حيث يتم تحديد مهلة زمنية متحركة بدأت منذ قرار الحكومة اللبنانية في آب الماضي بنزع السلاح، وتحديد مهلة أخيرة أطلقها الأمريكيون وتعمل الحكومة على تنفيذها، وتُلزم الجيش اللبناني بالالتزام بها، محددة بتاريخ 31/12/2025، ليلة رأس السنة الميلادية، بهدف القضاء على المقاومة وصلب أهلها على خشبة الاحتلال والحصار للتخلص منها إلى الأبد. 
إن التهديد بالحرب هو كلام مضلل وخادع، فالحرب "الإسرائيلية" على لبنان لم تتوقف من طرف واحد، وما يهدد به العدو وأمريكا هو تصعيد الحرب وتوسيع نطاقها وسواء تطورت الحرب أو لم تتطور، يطرح أهل المقاومة الأسئلة التالية على المعنيين..
 ما هي الاستعدادات على مستوى المجتمع المقاوم إذا توسعت الحرب واحتدمت، كما حدث في حرب الـ66 يوماً؟ 
هل تم تأمين احتياطي غذائي ودوائي لأهل المقاومة؟ 
هل تم تأمين أماكن إيواء لمن يُضطر للتهجير، خصوصاً أن بعض الأطراف اللبنانية قد تقاتل إلى جانب "إسرائيل" وتحاصر أهل المقاومة وسقوط سوريا؟
 هل ستقاتل المقاومة في لبنان وحدها كما قاتلت في حرب الـ66 يوماً، أم سيقاتل معها ما تبقى من محور المقاومة؟
المعركة القادمة الكبرى هي معركة فاصلة، وستُرسم مستقبل المنطقة، فإذا استطاعت "إسرائيل" هزيمة المقاومة اللبنانية، فسينجح مشروع "إسرائيل الكبرى" ويصبح  إسقاط العراق وإيران أسهل بعد إسقاط سوريا، لأن الحرب على لبنان ليست حربا على المقاومة والطائفة الشيعية "محور المحور"، بل حرب ضد محور المقاومة ومشروعه في المنطقة على الرغم من أن جغرافية الحرب هي لبنانية، إلا أنها في حقيقتها حرب على جغرافية المقاومة في الشرق الأوسط (غرب آسيا) وإذا لم يتم التحضير للمواجهة القادمة وبقيت الأوضاع كما كانت عليه في حرب الـ 66 يوماً الماضية، فإن ذلك ينذر بالخطر الوجودي وما زال الوقت متاحاً لتدارك أخطاء الماضي وتصويب مسار المواجهة في وجه التغوّل الإسرائيلي والأمريكي.
 تتطلّب الاستعدادات للمعركة المقبلة أفعالاً ميدانية ملموسة على كافة المستويات؛ العسكرية، والاقتصادية، والمعيشية، والصحية، إذ لا خيار للمقاومة وأهلها وطائفتها سوى المواجهة ورفض الاستسلام ومن يحاول إقناع المقاومة وأهلها بأن نجاتهم تكمن في السلام "الإسرائيلي" - الأمريكي و"اتفاقات إبراهام"، فإنه يقضي عليهم بالسم الممزوج بعسل السلام المزعوم. 
لا يمكن اعتبار نفي التهديدات أو التهديد اللفظي بعدم الاستسلام والبقاء في دائرة الصمود ،تحضيراً حكيماً وكافياً لمواجهة الحرب إذا وقعت، فلتبدأ التحضيرات الحقيقية واللازمة للمواجهة، وبدايتها تشكيل وفد يمثل الطائفة الشيعية في لبنان ولا يقتصر على "الثنائية"، لطرح التحديات التي تواجهها الطائفة على المرجعيات الدينية في العراق وإيران، وتوضيح أن سقوط المقاومة في لبنان يهدد أولاً المشروع المقاوم في المنطقة، ويهدّد وجود المذهب الشيعي عقائدياً وديموغرافياً، خاصة بعد سقوط سوريا وتغلُّب التحالف الأمريكي - "الإسرائيلي" مرحلياً، الذي يواصل خطته للقضاء على "المحور الشيعي" في المنطقة، لضمان نجاح مشروع "إسرائيل الكبرى" و"الشرق الأوسط الأمريكي" الجديد وفق وثيقة "التقييم الاستراتيجي لإسرائيل" التي نشرها "معهد أبحاث الأمن القومي". 
علينا البدء بالتحضير والاستعداد للحرب، وأهمها توفير متطلبات الصمود في القرى وعدم النزوح  مهما كانت الأثمان - حتى لا تتكرّّر نكبة القرى الحدودية المدمّرة - ولإطالة فترة الصمود ولكسب نقاط إضافية عند التفاوض، فإذا وقعت الحرب نكون في الموقع الأفضل، وإن لم تقع فلن نخسر شيئاً مما أعددناه، مع التأكيد أننا ما زلنا نمتلك كثيراً من أوراق القوة، ويجب عدم التسليم بما يُروَّج له عن "عبثية المقاومة" التي لا تزال تشكل تهديداً للمشروع الإسرائيلي الأمريكي، ولا يزال بإمكاننا الانتصار... فالحرب لم تنتهِ بعد ولن تنتهي قريباً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل