نتائج لقاء ترامب - الجولاني: تغيير هوية "السلطة في دمشق"... واستخدام الأراضي السورية لضرب إيران _ حسان الحسن

السبت 15 تشرين الثاني , 2025 08:08 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
 رغم كل "الضجة الإعلامية" التي أثيرت قبل زيارة زعيم "جبهة النصرة لبلاد الشام في تنظيم القاعدة" ورئيس "سلطة الأمر الواقع في دمشق" أبو محمد الجولاني لواشنطن، ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وخلال الزيارة وبعدها (أي الضجة) ، ومحاولة عرض الزيارة للرأي العام من بعض "الإعلام" و"الذباب الإلكتروني" على أنها "تاريخية". كذلك هي الأولى "لرئيسٍ سوريٍ" منذ عقودٍ خلت، علمًا أن الرئيس الراحل حافظ الأسد لم يزر الولايات المتحدة، بل على العكس، فقد التقى الأسد الأب، بالرئيسيّن الأميركيّين السابقين ريتشارد نيكسون في حزيران 1974، وبعده بيل كلينتون في تشرين الأول 1994، على أرض العاصمة السورية دمشق، كذلك الأمر بالنسبة للرئيس بشار الأسد فهو أيضًا لم يزر أميركا، ولم تكن أبوابها موصدة أمامه، إذًا كل هذه "الضجة" أشبه "بقرعٍ لطبولٍ فارغة" ليس إلا.
من حيث الشكل (أي بروتوكول استقبال الرؤساء)، فقد دخل الجولاني البيت الأبيض من الباب الغربي المخصص للسواح، أمام عدسات الكاميرات، ولم يدخل من الباب الرئيسي. كذلك فإن ترامب التقى الجولاني ومن معه كمراجعين، وليس كضيوف رسميين، فتحدث الرئيس الأميركي إلى "مراجعيه" وهو جالس على كرسييه خلف مكتبه. كذلك الأمر بالنسبة لأخذ الصورة التذكارية، فبقي ترامب جالسًا على كرسييه، ووقف إلى جانبه الجولاني لأخذ الصورة.. إذًا لم يستقبل استقبال الرؤساء، وهذا الأمر ظهر جليًا للجميع.
أما من حيث المضمون، فقد حملت هذه الزيارة نقطة إيجابيةً لجهة إعادة فتح السفارة السورية في الولايات المتحدة، ما يشكّل خطوةً إلى الأمام على طريق إقامة العلاقات الدولية مع "سلطة الجولاني".
ومن حيث النتائج: فقد انخرطت هذه "السلطة" في حلفٍ مع واشنطن من جهةٍ وحليفتها "قوات سوريا الديمقراطية - قسد" المنتشرة في شمال - شرق البلاد السورية من جهةٍ أخرى، حيث تقيم حكمًا ذاتيًا هناك"، وقد يؤدي هذا "الانخراط" إلى التقارب بين الأخيرة والجولاني، بالإضافة إلى فتح المطارات والقواعد العسكرية أمام الولايات المتحدة التي قد تستخدم الأرض السورية في أي عدوانٍ محتملٍ تشنه على إيران ومحور المقاومة في المنطقة، تحت شعار "مكافحة الإرهاب". ورغم محاولة الجولاني وجماعته إضفاء الطابع السياسي على "الانخراط في الحلف" المذكور، فهل يعقل أن يحارب تنظيم "داعش" في السياسية؟!، على اعتبار أن عنوان "الانخراط في هذا هو محاربة داعش وأخواته". ولا ريب أن السلوك الجديد للجولاني، يحتّم عليه تغيير هوية "سلطته" برمتها، فكيف له أن يحارب تنظيمًا، كان منضويًا أي "الجولاني" في صفوفه، وانحدرت "سلطته" برمتها من هذا التنظيم، وكيف ستكون ردود أفعال المتطرفين الذين يشكلون ركنًا أساسيًا في "حكومة الجولاني وقواته المسلحة"؟!. فالأكيد في هذا الصدد، أنه لم يستطع إخضاع ما يعرف بـ "كتيبة الفرنسيين" في حارم في محافظة إدلب، "كغيضٍ من فيضٍ" هذا على سبيل المثال لا الحصر. أضف إلى ذلك، لا ريب أن "انخراط الجولاني في الحلف المذكور، جعل "ثوار الأمس" أو "المجاهدين" أنصار الجولاني، يعيشون حالة توّجسٍ، خشيةٍ من أن يلاقوا مصير الكتيبة الفرنسية عينه، وهذا الأمر كان له ارتدادات سلبيةٍ على "التركيبة الحكومية الراهنة في دمشق، حيث بدأت تشهد حزازياتٍ بين أعضائها، إلى حدٍ وصلوا فيه إلى عرقلة الأمور اليومية الروتينية لهذه الحكومة"، بحسب تأكيد مصادر سورية واسعة الاطلاع.
وفي شأن تجميد عقوبات "قانون قيصر" الذي فرضه الكونغرس الأميركي على الشعب السوري لإسقاط دولته، هنا يؤكد خبير في العلاقات الدولية أن "تجميد العقوبات وليس إلغائها، هو تهديد واضح "لسلطة الجولاني" إذا لم تلتزم بتنفيذ الشروط الأميركية، كمنع المسلحين التكفيريين الأجانب من الوصول إلى مراكزٍ حساسةٍ في "الدولة"، ومحاربة "داعش"، وحماية الأقليات... عندها يعيد "الكونغرس" العمل بـ "قيصر"، لذا هو أشبه بسيف مسلط على رقبة الجولاني"، على حد تعبير الخبير.
وتعقيبًا على كل ما ورد آنفًا، يقول مرجع خبير ومرجع سياسي: "إذا أردنا أن نعطي تقييمًا عامًا للزيارة المذكورة، فهي لم تحمل جديدًا، سوى إعادة افتتاح سفارة دمشق في واشنطن، وعلى ما يبدو فإن المطالب الأميركية لم تتحقق حتى الساعة، كالتسريع بعقد التفاهمات مع "إسرائيل"، ومواجهة "داعش" في شكلٍ جديٍ، وعدم إسناد وظائف في "الدولة" للمسلحين الأجانب...".
ويختم المرجع بالقول: "إن زيارة الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع لواشنطن، تشبه زيارته للمملكة العربية السعودية في الأسابيع الفائتة، وقتذاك لم يستقبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بل التقاه على هامش انعقاد " مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض، أواخر تشرين الأول الفائت، واقتصر اللقاء الرسمي بين السعودية وسورية وقتذاك، على لقاء وزيري خارجية البلدين".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل