أقلام الثبات
تتعرض الطائفة المقاومة في لبنان لحرب وحشية متعددة الجنسيات تقودها أمريكا، وبذراع عسكرية "إسرائيلية"، وبتمويل عربي، بهدف تأديبها ومعاقبتها على تمرّدها ورفضها للمشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، وبقائها وحيدة خارج قطيع التطبيع والاستسلام، ولرفضها الاعتراف "بدولة إسرائيل".
تستمر "إسرائيل" بترهيب الطائفة المقاومة وقتلها ببطء، ولا يقتصر ترهيبها على المقاومين، بل يمتد ليشمل المقاوم وزوجته وأطفاله وأمه وأبيه، وكل من يصافحه أو يدعمه أو حتى يرضى بفعله أو لا يكون جاسوسًا عليه، ولأول مرّة في تاريخ الاجتياحات "الإسرائيلية" على لبنان يعتمد العدو أسلوب الترهيب والتوحش ضد المدنيين، بهدف تهجيرهم ومنع الاعمار في القرى المدمرة وخارجها حتى الضاحية والبقاع، عبر القصف المستمر والمفاجئ، واستخدام الطائرات المسيرة التي لا تغادر سماء لبنان.
تعتمد "إسرائيل" أو "عصابات الهاغانا الجديدة"، بقيادة نتنياهو، نفس الأساليب التي اعتمدتها عصابات الهاغانا القديمة بقيادة موشيه دايان وإسحاق رابين، وعصابة "الأرغون" بقيادة مناحيم بيغن، لترهيب وتهجير الفلسطينيين بارتكاب المجازر، وتسميم المياه، ومنع العودة، وتعتمد منهج الترهيب المستمر والمتصاعد وفق الآتي:
- منع عودة المهجرين إلى القرى الحدودية، ومنع إعمارها، لتثبيت المنطقة المعزولة كأمر واقع ودفع أهاليها، لبناء حياتهم الجديدة التجارية والسكنية والتعليمية بعيدًا عن قراهم.
-  القصف المستمر دون إنذار لأي موقع مدنيًا كان أم عسكريًا حسب تصنيف العدو، مما جعل الجرافة وآلية الحفر أو بئر الماء ومجبل الباطون والزفت تُعتبر من البنى التحتية للمقاومة، ويمكن أن يتمدد ليشمل المستشفيات والمدارس والأفران.
- التعذيب بالطيران المسيّر، الذي يحلق طوال الليل والنهار، ويُحدث "طنينًا" مزعجًا يعمل على تشويش الأفكار والتسبب بالقلق والأمراض النفسية، خصوصًا وأن الثقافة العامة لدى الناس تجعلهم يعتقدون أن وجود الطيران المسير هو مقدمة للاغتيال دون معرفة الهدف المقصود، والجميع في حالة ترقب، بانتظار القتل دون محاكمة، بالإضافة إلى اختراق خصوصية الناس عبر التصوير، لدرجة أن النساء كدن لا يستطعن الجلوس في بيوتهن دون حجاب خوفًا من التصوير، وأصبحت "إسرائيل" شريكًا في تفاصيل الحياة اليومية لأهل المقاومة.
-  تحاول "إسرائيل" وأعوانها قتل الأمل والطموح في نفوس الطائفة المقاومة، فتغلق كل أبواب الحلول وتعمّم ثقافة اليأس والإحباط، بالتعاون مع بعض الجهات الرسمية وأحزاب وطوائف وجهات عربية، مما يُفرض تأجيل أو امتناع الشباب عن الزواج، ويؤخر افتتاح المراكز التجارية، وبناء أي مشروع استثماري حتى تستقر الأمور.
- إبقاء الناس في حالة طوارئ دائمة، وإبقاء حقائبهم جاهزة للرحيل عند مداخل بيوتهم، وهو ما يمثل قتلًا بطيئًا للحياة المستقرة.
- إحراق الأحراج، وتدمير الآثار الدينية والتاريخية، وتجريف المقابر لمحو الهوية الثقافية والدينية والتاريخية في الجنوب، ومحاولة لتزوير التاريخ لتثبيت يهودية الأرض، وهو ما كان يفعله المؤرخ "الإسرائيلي" زئيف إيرلتش، الذي قتله المقاومون في "مقام شمع".
لا بد من مواجهة منظومة الترهيب هذه، التي تتخذ أشكالًا "إسرائيلية" مستجدة، بوسائل وخطط لا تقتصر على التجهيز العسكري، رغم أهميته.. من هذه الوسائل:
- المثابرة على دفن الموتى في القرى المدمرة، ووضع بلاطات حجرية أو رخامية تحمل اسم الميت داخل القبر وفوقه.
-  زراعة الأشجار، والإكثار من تربية القطط والكلاب، وطيور الحمام واليمام وتأمين غذائها عند كل زيارة.
-  وضع مكبرات صوت في القرى لإقامة الأذان وتلاوة القرآن يوميًا.
-  بناء غرف من الحجارة الصخرية أو من بقايا الردم تشبه خيم النواطير للاستراحة عند زيارة القرى.
- المبادرة لتشكيل هيئة دراسات وتخطيط لمواجهة هذه المنظومة على المستويات النفسية والاجتماعية والميدانية والثقافية وإهمال هذا الجانب سيعرض البنية الاجتماعية للمجتمع المقاوم، للتشقق والتفتيت البطيء، كما تُفتّت الأمطار والهواء الصخور الصلبة من الشقوق الضعيفة.
الحرب بيننا وبين العدو لم تنته، وستستمر، وستكون طويلة، لأن العدو يعتقد أنه لا سلام له ولا بقاء له ما دامت المقاومة التي تحمل الفكر الإسلامي الحسيني، والتي لن يعترف بها، حتى لو أقرّ العالم والفلسطينيون أنفسهم.
حربنا مع "إسرائيل" هي حرب وجود وصراع ثقافات دينية، ولن تنتهي إلا بانتصار طرف وهزيمة الآخر... ووفق الوعد الإلهي، سيكون النصر حليفنا في المعركة الأخيرة، وعلينا أن نتحلى بالصمود المنضبط والموضوعية حتى نحقق هذا الانتصار.
"الهاغانا الإسرائيلية"... وترهيب الطائفة المقاومة ــ د. نسيب حطيط
                
                     الثلاثاء 04 تشرين الثاني ,  2025 10:38 توقيت بيروت
                
                
                    
                        أقلام الثبات                
            
            
            
        
                
                        
                    
                    
                        
                        
                        
                        حرب تبسيط الشرور على أنقاض الحرية ومفاوضات "الازدهار" الموعود ــ يونس عودة                    
                        إلى "المجنس" توم براك: من باع انتماءه لا يملك حق تقييم الأوطان ـ محمد دياب                    
                        لبنان بين ثلاث وساطات.. هل تستعيد مصر دورها؟ ــ د. ليلى نقولا