أقلام الثبات
قد لا يكون هناك في لبنان مَن هو "فاضي البال" لمتابعة البوصلة الانتخابية والبورصة الشعبية لجماهير الرئيس الراحل رفيق الحريري، التي استقطبها نجله سعد وكانت من نصيبه في "حصر الإرث"، وفشل نجله الآخر بهاء في كل محاولاته لوراثة سعد، خصوصاً بعد أن "استُقيل" الأخير من رئاسة الحكومة في الرياض عام 2017، وعاد عن الاستقالة في بيروت ثم استقال مجدداً، وأحجم عن خوض الانتخابات النيابية عام 2022، ولم تنحصر المنافسة فقط بين "الحريري أخوان"، لأن ابن العمة بهية أحمد الحريري، دائماً على خط التحمية والحشد لصالح سعد، من باب الحرص على بقاء "تيار المستقبل" في الساحة السياسية وتأمين مستقبله الشخصي.
وعلى الرغم من المناخات السياسية التي تؤكد أنّ "تيار المستقبل" لن يخوض الاستحقاق النيابي المقبل، بسبب تمسُّك الرئيس سعد الحريري بقرار تعليق العمل السياسي، وعدم تحدِّي المملكة العربية السعودية، إلا أنّه لأمين عام التيار أحمد الحريري، رأي مخالف.
وأفادت معلومات "الصوت نيوز" أنّ أحمد الحريري، وخلال اللقاء الاحتفالي بتعيين المحامي محمد يموت منسقاً لبيروت، قال بشكل حاسم أن "تيار المستقبل" سيخوض المعركة في العاصمة وسيخرج منها بأربعة حواصل انتخابية، مشيراً إلى أنّ هذه الخطوة ضرورية، وهي بمثابة رسالة إلى الداخل والخارج بأنّه لا يمكن إلغاء سعد الحريري.
وحصر أحمد الحريري معركة "تيار المستقبل" بمدينة بيروت، دون ذكر عكار وطرابلس والبقاع وصيدا، يعني أن هناك قيادات برزت في هذه المناطق بغياب سعد الحريري وتيار المستقبل عن الانتخابات الماضية، ولعل أبرز هذه القيادات النائب حسن مراد في البقاع الغربي والنائب وليد البعريني في عكار، علماً بأن أبرز معارك بيت الحريري البينيَّة- لو حاولوا اللعب بزهرة المارغريت - هي في صيدا.
صيدا، هي مربط خيل النائب السابقة بهية الحريري وهي من "جناح سعد"، والمشكلة هناك حاصلة بينها وبين ابن شقيقها الخصم اللدود بهاء، الذي طردها من قصر مجدليون منذ أشهر، ليتمترس هو فيه وينطلق منه في العمل السياسي تحت عنوان استعادة إرث رفيق الحريري السياسي، لأن شقيقه سعد ومعه العمة بهية قد فرَّطا بهذا الإرث ولم يُحسنا الأداء.
وبانتقال السيدة بهية للسكن في فيلا بنتها ببلدة الهلالية، نقلت معها مكاتب "تيار المستقبل" من مجدليون، وانتقلت معها الشعبية التي بنتها في منطقة صيدا، لها وللرئيس سعد الحريري ولتيار المستقبل، وتركت قصر مجدليون فارغاً لبهاء الحريري الذي قرر بدء حياته السياسية من هناك كون صيدا مسقط رأس والده وشهدت انطلاقة حياته السياسية.
بهاء على حق، أن يجد نفسه بحجم صيدا بدلاً من بيروت، وأحمد الحريري ليس على حق عندما يحلم بأربعة حواصل في بيروت، لكن بهاء سيخسر في صيدا لأنه يفتقد كاريزما "رفيق" و"سعد"، وهو ليس بحجم العمة بهية في حال قررت الترشُّح في صيدا، هي التي لها تاريخها في الخدمات، وهي التي لم تهرب من صيدا في كل الظروف، وبهاء الغريب عن صيدا وعن كل لبنان، عليه أن يفرش الأرض بالأخضر الأميركي لشراء أصوات غير مضمونة خلف الستارة، وهو معروف عنه أنه "أبو كمُّونة" ويده غير جاهزة للفلش والفرش.
نتائج الانتخابات النيابية للعام 2026 محسومة حريرياً منذ الآن وفقاً لتحديثات زهرة المارغريت الحالية: في حال استمر الرئيس سعد الحريري في قراره عدم المشاركة فيها لا هو شخصياً ولا تيار المستقبل، فإن نتيجة الحواصل الأربعة التي يحلم بها أحمد الحريري في بيروت هي "صفر"، لأن الكاريزما الشخصية لديه بدون هالة سعد الحريري هي صفر، وسوف تتكرر الأصفار طبعاً، في عكار وطرابلس والبقاع.
أما في صيدا، فإن المعركة إذا انحصرت بين العمة بهية وابن الشقيق بهاء، فإن النتيجة هي "صفر مكعب" لبهاء حتى لو "فلش" و"فرش" الأخضر الأميركي، على القاعدة اللبنانية الجديدة " قباض منو وانتخب غيرو"، والسيدة بهية من خلال ارتباطها الفعلي بصيدا وأهلها، قد تتمرد على قرار سعد وتتراجع عن التزامها معه بالمقاطعة كما حصل في انتخابات 2022، وتترشح في انتخابات 2026، وهنا سيجد بهاء الحريري نفسه خاسراً سلفاً ويعلن إفلاسه السياسي، لأن لبنان ليس واحدة من شركاته، يفتحها ساعة يريد ويقفلها ساعة يريد، خصوصاً أن رصيده الشعبي "صفر شعبية"
المرتزقة لا يتغيرون .. كيف تُغسل "الكرامة" ويباع "الشرف" بالنفط؟ ـ محمد دياب
أيها العرب: لا تقتلونا... فنحن آخر المقاومين ــ د. نسيب حطيط
حرب "الصبر" المقاوم... المكاسب والخسائر ــ د. نسيب حطيط