أقلام الثبات
أصدرت الولايات المتحدة قرارًا لجامعة الدول العربية والمسؤولين العرب، بضرورة زيارة لبنان وممارسة الضغط عليه للاستسلام، ولنزع سلاح المقاومة، وتوقيع اتفاقية "سلام"، وتكرار دورهم في تنفيذ مهمة الضغط على المقاومة في غزة لإجبارها على توقيع اتفاق الضرورة.
زار أمين عام الجامعة العربية لبنان لبحث قضية السلام في الشرق الأوسط، ولتنبيه لبنان بأنه الوحيد الذي لا يزال خارج قطار التطبيع و"السلام"، والوحيد الذي لا يزال فيه سلاح يقاوم المشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، ولم يبقَ من دول الطوق المجاورة لفلسطين المحتلة سوى لبنان خارج اتفاقيات "السلام" والاستسلام، وعلى الرغم من صغر مساحة لبنان، وحصاره، ونهب ثرواته، وكونه البلد الوحيد الذي رئيس جمهوريته "مسيحي" ورئيس مجلس النواب "شيعي"، فإنه لا يزال يعلن العداء والمقاومة "لإسرائيل"؛ خلافًا لجميع الأنظمة التي يرأسها ملوك ورؤساء وأمراء من "الإسلام السياسي السني" بمذاهبه الأربعة، وحركته الوهابية، وجماعاته التكفيرية، وهذا يكشف عورة العرب والمسلمين الذين يبرّرون تطبيعهم واستسلامهم بعدم القدرة على قتال "إسرائيل"، فيعطيهم لبنان المثل الواضح بأنه رغم قلّة العدد والحصار لا يزال قادرًا على الصمود.
تريد الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن يقوم العرب نيابة عنهما بنزع سلاح المقاومة وتقديم "المقاومة العذراء" قربانًا عنهم لنيل رضا "اللات الأمريكي" والعزّى الإسرائيلي"، للحفاظ على مناصبهم وألقابهم، وإلا أطاح بهم "ربيع أمريكي" آخر، ويحتشد العرب المتخاذلون الذين لم يجتمعوا في حرب 66 يومًا لنصرة لبنان، ولم تجتمع الجامعة العربية لنصرة لبنان أو غزة، لكنهم يتسابقون للضغط على لبنان، ويتسلّحون بفتاوى وعّاظ السلطة ليقولوا: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، ويفسّرون التهلكة بأنها مقاومة "إسرائيل" والدفاع عن الأرض والشرف والحقوق، بينما التفسير الأهم الحقيقي "للتهلكة" هو الاستسلام للمحتل والتنازل عن الدين والكرامة، وطاعة العدو ومعصية الله الجبّار، في حين أن تفسير الأعراب هو أن التهلكة هي طاعة الله، وأن النجاة هي طاعة العدو.
لابد من توضيح موقف "الشيعة اللبنانيين" الذين لا يزالون في خنادقهم لمقاومة العدو، وفق التالي:
لا يرغب الشيعة ،بالبقاء في ساحة الحرب التي عاشوها منذ 70 عاماً، وهم الجبهة الوحيدة المتبقية التي تقاتل وحدها منذ 40 عاماً ومع ذلك، يرفضون الحرب بالتلازم مع رفضهم للاستسلام والقبول بالاستعباد والاستعمار "الإسرائيلي" - الأمريكي.
إن الموقف المقاوم للشيعة اللبنانيين هو موقف الدفاع عن النفس وليس هجوماً، فلم يجتاحوا الجليل ولم يحتلوا أراضيه وأطلق الشيعة اللبنانيون مقاومتهم مع الإمام موسى الصدر وقبله الأحزاب اليسارية والقومية وبعده المقاومة الإسلامية، بعد أن تخلت عنهم الدولة والعالم، وبعد أربعين عاماً من الاحتلال والاجتياحات "الإسرائيلية"، فكانت مقاومتهم ردة فعل وليست فعلاً ابتدائياً.
يتمسك الشيعة اللبنانيون بسلاحهم لدوره الوطني في حفظ لبنان، وليس لأي دور إقليمي، خصوصاً بعد انتفاء الأسباب وعدم توفر الإمكانيات، فسوريا تم إسقاطها، ووافق أغلب الفلسطينيين على وقف إطلاق النار في فلسطين ونزع السلاح، وبالتالي انتفى دور سلاح المقاومة في نصرة وإسناد المقاومة في فلسطين.
لا يستطيع الشيعة اللبنانيون"دينياً" الاعتراف بدولة "إسرائيل" أو توقيع اتفاقيات سلام معها، وكما قال الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رحمه الله): "ضرورات الأنظمة وخيارات الشعوب"، فإذا كانت لدولة اللبنانية "ضروراتها" لتوقيع اتفاق السلام الذي يرفضه الشيعة والمقاومة، فإن خيار الشعوب هو الرفض والصمود.
يمكن للسلاح الدفاع المقاوم أن يحقق أهدافاً وطنية محلية والالتزام بعدم الهجوم، مقابل تفعيل اتفاقية الهدنة بين لبنان و"إسرائيل" والتزام العدو بعدم الاجتياح واحترام السيادة والأمن اللبناني.
نناشد الإخوة العرب: إن لم تستطيعوا أن تكونوا معنا وتنصروا وتدعموا صمودنا، فكونوا أحراراً في دنياكم، ولا تكونوا مع العدو ضدنا، فتساعدوه على حصارنا والتهويل علينا، وتصبحوا شركاء في دماء وتدمير بيوتنا. ادعموا صمودنا واستثمروا قوتنا وعنفواننا حتى يبقى في هذه الأمة – التي تعيش أرذل العمر وسن اليأس – بعض جذور العزة والكرامة والمقاومة، وإلا عادت إلى جاهليتها تغزو بعضها البعض وتحكمها أمريكا و"إسرائيل" بعد أن شطبوا العالم العربي والأمة العربية واستبدلوها "بإسرائيل" الكبرى والشرق الأوسط الأمريكي الجديد.
نحن قفل باب الأمة؛ إن سقطنا، ستسقطون جميعًا...ولن نسقط بإذن الله المنتقم الجبّار...
أمريكا تحشد العرب للضغط على لبنان... إما الاستسلام أو العواقب ــ د. نسيب حطيط
الأربعاء 29 تشرين الأول , 2025 09:39 توقيت بيروت
أقلام الثبات
سوريا... من أزمة المقاتلين الأجانب إلى مُعضِلة الانتداب الأجنبي ــ أمين أبوراشد
قوّات جعجع ... ورقة في دفتر الوصاية الأميركية
أميركا والغرب ونحن... في صراع بلا نهايات في الأفق ــ يونس عودة