أميركا والغرب ونحن... في صراع بلا نهايات في الأفق ــ يونس عودة

الثلاثاء 28 تشرين الأول , 2025 10:28 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
لا يزال موضوع المفاوضات اذي تدفع اليه الولايات المتحدة الاميركية بين لبنان و"اسرائيل" في طور بناء القاعدة المادية، اي التحضير الميداني للأمر عبر ضغوط مختلفة، بينها التهديد العسكري بان "اسرائيل" ستقوم بمهمة "نزع السلاح" إذا لم تقم السلطات اللبنانية بالمهمة بدلا من القوات "الاسرائيلية".
طبعا هذا اللامنطق وجد له في لبنان قوى سياسية طالما كانت ضد المقاومة وضد مواجهة المشروع الاميركي – الصهيوني في شقه اللبناني منذ توقيع هدنة 1949 , لا بل تتماهى معه بكل عناوينه وعدوانيته ومراميه, بزعم تحقيق السلام , وعدم توافر امكانية المواجهة , بينما واقعها الحقيقي عدم توافر الارادة لديها بسبب الانخراط في المشروع , وليس ادل على ذلك بان تلك القوى , المعدومة الارادة والكرامة الوطنية , تضع لبنان وعبر مقاومته, بغض النظر اكانت المقاومة الوطنية او الاسلامية في دائرة "المعتدي" على المحتل ,حتى عدم تصنيف "اسرائيل" بانها تحتل ارضا لبنانية ,وانما تقوم بالدفاع عن امنها.
لم يعد من الواقعي التوجه الى تلك الفئة الضالة ,للعودة عن ضلالها , لكن يمكن مقارعة اسيادها بالحجة في كيفية تعاطيها مع الشؤون الدولية والمكايل المعتمدة , وعلى سبيل المثال لا الحصر في جواز المقارنة, رغم الاختلاف العميق في الحربين , اي الحرب "الاسرائيلية" – الاميركية – الاطلسية على فلسطين ولبنان والعرب اجمعين.
- وصل الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، إلى واشنطن، حاملا بجعبته مشروع الاطلسي ورؤيته ورؤية لإنهاء الحرب الروسية – الاوكرانية ,وكذلك مشروع "تحالف الراغبين" في إطار استباق القمة الروسية الأمريكية المقررة في بودابست ومحاولة على دونالد ترامب بشأن ما ينبغي التفاوض عليه مع موسكو، وما لا ينبغي نقاشه وفي إطار "تحالف الراغبين"، وُضعتْ خطة من 12 نقطة لاقتراحها على ترامب. والتي تنص وفق المعلن ,على ضرورة إجراء مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا. لكن ويجب إرساء وقف إطلاق النار قبل المفاوضات، وليس بناء على نتائجها، كما يجب منح أوكرانيا "ضمانات أمنية"، وفرصة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عبر إجراءات مُعجّلة، وتعويضها عن الأضرار الناجمة عن القتال. تنص الخطة على أن روسيا ستساهم في إعادة إعمار أوكرانيا، مقابل رفع العقوبات عنها واستعادة أصول البنك المركزي المجمّدة في الغرب.
-إذا وقف إطلاق نار من الوجهة الاطلسية اولا وقبل كل شيء , علما ان القوات الروسية لا تستهدف مدنيين لا بالجملة ولا بالمفرق, بينما يواصل الكيان الصهيوني حرب الابادة سواء في لبنان او فلسطين بتدرج يستكمل الحرب المفتوحة التي كانت على مدى سنتين , وبشكل يومي 
السؤال الذي يفترض ان يتبادر الى ذهن الحياديين خصوصا اولئك الذين يعتبرون انفسهم بمنأى عن الصراع الوجودي, هو : لماذا لا يمارس الاوربيون وجماعة تحالف الراغبين ,حيلهم مع اسرائيل للالتزام بوقف النار , اقله لإظهار انهم لا يكيلون بمكايل متعددة ,فيما لا تكترث "إسرائيل" بالمقترحات الأميركية التي تريد فرضها بشأن مسار التفاوض مع لبنان، عبر رفضها علنا مع رفع مستوى الضغط العسكري , باعتقاد واهم ان اسلوب القتل والترهيب والاجرام المتمادي , والتنكر للاتفاقات ,والانقلاب عليها سيدفع اللبنانيين عموما الا الضالين الى الخضوع تدريجيا وصولا الى الاطباق الكامل  بينما بات مشهودا ان ما يعرف بضرورة نزع الذرائع ليس الا ذريعة يقف خلفها منظرو الانهزام والتواطؤ الارعن , وان الحل الحتمي هو بمواجهة المشروع الاحتلالي , وليد مشروع الهيمنة والاستعمار .
وليس بعيدا عن السياق وعلى لسان مصادر أمنية "إسرائيلية"، فإن الولايات المتحدة هي التي تدير فعليا عمليات الجيش في قطاع غزة؛ وأن تنفيذ أي عملية مرهون بموافقة أميركية ،وأن الأميركيين يخشون اتخاذ خطوات قد تضر بخطة ترامب، ويبذلون قصارى جهدهم من أجل تجنب الإضرار بها. من الواضح للطرفين أن حماس تستغل الوقت لتعزيز قوتها وإعادة تنظيم صفوفها، بينما في "إسرائيل" يقولون "نحن في حالة جمود".
وللدلالة البسيطة على ذلك , فان غارة استهدفت عنصرا من الجهاد الاسلامي في النصيرات قال مسؤول أمني "إسرائيلي"، إن إسرائيل لم تطلب مصادقة أميركية على محاولة الاغتيال هذه وإنما كان ذلك تنسيقا مقابل الأميركيين،. وأصيب في هذه الغارة 4 أشخاص جراء استهداف مركبة في النصيرات.
وقال موقع "واينت" إن الجيش "الإسرائيلي" نفذ الغارة "فقط بعد الحصول على مصادقة المندوبين الأميركيين حتى مستوى قائد سنتكوم" القيادة الوسطى للجيش الأميركي، وصادق عليها قائد القيادة الوسطى للجيش "الإسرائيلي"...
بلا شك ان الامر نفسه, يسري على لبنان , والا كانت الولايات المتحدة التي تعطي الضوء الاخضر لمواصلة العمليات الاجرامية, ألزمت الاحتلال بالانسحاب ووقف الابادة الصامتة , تمهيدا لاي مفاوضات .
في حقيقة الامر ان الشعوب الاوروبية التي بدأت تتلمس صورة الصراع وابعادها , ابتليت غالبيتها بطقة وشخصيات سياسية رعناء , وهي حاليا في حالة أقرب الى الغليان مع انكشاف الاعمال الاميركية في احتضان وتمويل القوى اليمنية الفاشية على اختلافها , ومحاولة ايصالها او ترسيخها في السلطات, وهي تستثمر وتبذر اموالا لا يستهان بحجمها من اجل تأليب المجتمعات التي بدأت تشعر بذوبان تدريجي لمنجزات حمائية, 
ان الانجازات "التاريخية" الموشاة بالأوصاف "العظيمة" للرئيس الاميركي خلاصتها ان الصراع سيكون اشد ضرورة في المراحل المقبلة مع "عظمة" ترامب الآيلة الى السقوط, لسبب اوحد لأنها ظالمة , كما عقيدة ترامب الذي صنف نفسه كما صنفه نتنياهو بانه أكثر الرؤساء الاميركيين ,تأييداً "لإسرائيل" على الإطلاق، - وضمنا وبالتأكيد الجرائم غير المسبوقة - أو هو الذي يتبنى الدفاع عن المجازر وعمليات القتل , وهذا العامل وحده ينذر بان اي" تفاق سلام " وخصوصا الذي نصه ترامب سيذهب مع ريح لا بد ان تهب , اما اذا اراد ترامب لخطته ان تنجح سيتعين عليه  الخروج من منطق التدمير والقتل والحروب من اجل سلام مزعوم , والانتماء الى منظومة عدالة , لن تجد لها ملاذا في اميركا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل