أقلام الثبات
لم تضع الحروب الثمانية التي قال الرئيس الاميركي دونالد ترامب انه انهاها في 8 اشهر, اوزارها بعد , والارجح ان ما يحلو لترامب ان يلهو به, تلك الجمل التي يقرنها بالعظمة , وانه قام بفعل عظيم , من خلال "سلاح عظيم" , الى استعادة اميركا "عظمتها" , وكل ما فيها عظيم، ولذك فان العظمة كلها لم تخوله الحصول على الجائزة التي كان يعتبرها الاعظم الا وهي جائزة "نوبل للسلام"، وكان ينتظر حتمية حيازتها!
نعم، يمكن ان ان يفاخر ترامب بانه فرض على اقرب اصدقائه وشركائه الدمويين، اي رئيس الحكومة "الإسرائيلية"، بنيامين نتنياهو، وقف إطلاق نار وتبادل أسرى، رغم "اشتراط حماس وربط موافقتها باطلاق جميع المخطوفين والقتلى الإسرائيليين، ولو بدون انسحاب كامل وفوري لقوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وبمنح ضمانات أميركية، وهذا ما حصلت عليه في الأسبوع الماضي، بتعهد شخصي من جانب الرئيس ترامب".
بلا شك فإن "ترامب لجأ الى الزام نتياهو بوقف الحرب نتيجة سلسلة عوامل واكبت جرب الابادة من اكتشاف خدع نتنياهو رغم كل التسهيلات والدعم الذي قدمه ترامب شخصيا ويقينه أن الحرب لفترة اطول تشكل خطرا على المصالح الأميركية في المنطقة. كما ان ان الظروف التي املت" الاتفاق المحتفى به في شرم الشيخ يمكن اختصارها بالآتي:
1- تنامي معاداة القوى اليهودية في الولايات المتحدة ولا سيما منظمات الضغط مثل "ايباك" , وقد حصلت حوادث عدة لم تستطع السلطات الاميركية طمسها .
2-افتضاح السردية "الاسرائيلية" التي تبنتها الادارة الاميركية في حرب الابادة , والعمل على تحميل الشعب الفلسطيني المظلوم المسؤولية , ومن اكثر دلائل افتضاح ذلك ما عبر عنه الاعلامي - السياسي الذي يعتبر رقم واحد في الولايات المتحدة , ناكر كارلسون، وهو المعروف بتأييده المطلق "لاسرائيل" , ومن صناع "الترامبية" واعتى المروجين لها , يقول كارلسون في غضبه من الجرائم "الاسرائيلية": "لا يوجد شيء اسمه شعب الله المختار… هذه هرطقة، إن الله لا يختار شعبا يقتل النساء والأطفال"، و"كل ما تقوم به إسرائيل هو ضد الإنجيل وضد تعاليم يسوع، فكيف نوافق على شيء كهذا"؟
الواضح ان كارلسون ايضا هو من فضح مسؤولية "اسرائيل" في قتل جيفر ابستين؛ المروج للسياسة "الاسرائيلية" وسرديات التضليل , وبعد الفضيحة سحبت الادارة الاميركية القضية من التداول بعدما فشلت الكذبة - الجريمة في الصاق الامر بمؤيد لفلسطين , وظهر السبب بان المخابرات "الاسرائيلية" عمدت الى قتل عميلها , للتجييش وادامة الحرب وتبرير الحرائم.
في هذا السياق قال كارلسون نفسه :"من الواضح جدا لأي أحد أن إبستين كانت له صلات مباشرة بحكومة أجنبية، ولا يسمح لأحد الآن بأن يقول إن تلك الحكومة هي إسرائيل". وينبغي توجيه سؤال مباشر للحكومة "الإسرائيلية" عن مدى علاقتها بملف إبستين، مضيفا أنه إن كانت أميركا ترسل المال "لإسرائيل"، في حين تقوم "إسرائيل" بجرائم على الأرض الأميركية فينبغي أن نسألهم: هل فعلتم ذلك حقا؟ من حق الأميركيين أن يتساءلوا: لصالح من كان يعمل إبستين، وكيف تحول من مدرّس في أواخر السبعينيات، بدون شهادة جامعية، إلى مالك لجزيرة وطائرات خاصة وأكبر قصر في مانهاتن بنيويوك؟
وأشار الإعلامي الأميركي إلى أنه نظرا لغسيل الدماغ الذي يتعرض له الأميركيون، سيظن الناس أن هذه الأسئلة تعبير عن الكراهية أو التعصب ضد إسرائيل، نافيا أن يكون الدافع وراء ذلك هو الكراهية، ومؤكدا أن هذا النوع من الأسئلة يعد بديهيا ومن حق أي مواطن أميركي أن يتساءل.
3- استنزاف الخزينة الاميركية ومخازن السلاح الاحتياطية لصالح "اسرائيل" ,وهو ما عبر عنه ترامب في الكنيست الصهيوني : لقد أعطينا "اسرائيل" الكثير من أسلحتنا القوية".وبيبي - اي نتنياهو - "طلب مني اسلحة لم أكن أعرفها واسرائيل إستخدمتها وهذا أفضى الى السلام".
4 - يقول ابرز المحللين "الاسرائيليين"؛ عاموس هرئيل، إن "الاتفاق لم يكن مستوجباً بسبب الأميركيين فقط، وإنما هو ضروري بالنسبة "لإسرائيل". الحرب يجب أن تنتهي. المجتمع "الإسرائيلي" متآكل ومنهك ومنقسم، وهذه أمور لن يكون بالإمكان التغلب عليها خلال سنة عاصفة يتوقع أن تجري انتخابات في نهايتها (في تشرين الأول/أكتوبر المقبل)، ولكن على الأقل سيغلق الجرح النازف مع إعادة 48 مخطوفا من القطاع".
ليس صحيحا ان ما جرى افضى الى سلام ,او انه "يوم عظيم للشرق الأوسط"، كما وصفه ترامب فالسلام لا يزال بعيدا ولن يحل بدون حل عادل للشعب الفلسطيني، ولذلك فان احتفالية شرم الشيخ , التي لم تأت كما وصاية ترامب على حق الفلسطينيين بتقرير المصير , او حتى الاعتراف بدولة فلسطينية اعترف بها حتى الان كدولة ذات سيادة من قبل 157 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، أو ما يزيد قليلاً عن 81٪ من جميع أعضاء الأمم المتحدة.
ان الذي حصل لا يعدو كونه استعراض لانجاز لم يشارك في فرحته الترامبية , سوى اولئك الذي يستثمر ترامب بهم ومن "دهنهم يسقي وكل ما في الامر ان هناك "اتفاقاً على شروط "المرحلة الأولى" مع الحفاظ على رؤى متضاربة جوهرياً للمرحلة النهائية. وقد فسرت إسرائيل الاتفاقية على أنها توقف مؤقت يحفظ لها استئناف العمليات العسكرية إذا لم تنزع حماس سلاحها بالكامل وتعترف بالهيمنة الأمنية الإسرائيلية. بينما حماس تعتبرها بداية لوقف إطلاق نار دائم يؤدي إلى انسحاب إسرائيلي وحكم فلسطيني , كما انه ليس واضحا , وجود آليات إنفاذ ملزمة، والاتفاق على العملية دون توافق على النتائج - لا تزال قائمة حتى الآن. وقد عدنا بشكل أساسي إلى بداية اللعبة التي يرفض كلا اللاعبين قبول قواعدها الأساسية.
- لقد حصلت في السابق منذ اتفاقية كمب ديفيد الى اوسلو الى وادي عربة , وواي ريفر", كما ان طابا وشرم الشيخ شهدتا احتفاليات اكبر واوسع مشاركة ورمزية
وقد استضافت مدينة شرم الشيخ أول قمة دولية لدعم مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، برئاسة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونظيره الأمريكي آنذاك بيل كلينتون، وبمشاركة قادة دوليين، إضافة إلى الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات والرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز.وذلك في ظل تصاعد الآمال لدى البعض من التسويفيين بحل القضية الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو (1993) واتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل (1994).
رغم التوقيع، لم يُنفذ الاتفاق بالكامل بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المتدهورة، مما أدى إلى تجميد العملية السلمية مجددًا, كما اتفاق "واي 2" 1999
اتفاق "واي 2" عام 1999 هو استكمال لاتفاق "واي ريفر" الأول (1998) الذي وُقع برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. جاء الاتفاق بعد تجميد تنفيذ الاتفاق الأول من قبل حكومة بنيامين نتنياهو، وحصل استئناف للعملية السياسية عقب فوز إيهود باراك في الانتخابات "الإسرائيلية" عام 1999.
وقع الاتفاق بين باراك وعرفات بحضور أمريكي، وشمل استئناف الانسحابات "الإسرائيلية" من الضفة الغربية وفق جدول زمني، وتعزيز التعاون الأمني، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، إضافة إلى استئناف مفاوضات الوضع النهائي حول قضايا القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات.
رغم التوقيع، لم يُنفذ الاتفاق بالكامل بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المتدهورة، مما أدى إلى تجميد العملية السلمية مجددًا.
ومن بعد عُقدت قمة شرم الشيخ عام 2000 في ظل تصاعد حدة الاجرام الاسرائيلي ، عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت نتيجة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون للمسجد الأقصى، وما تبعها من مواجهات دامية بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال "الإسرائيلي".
شارك في القمة عدد من القادة البارزين، من أبرزهم: الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، رئيس الوزراء "الإسرائيلي" آنذاك إيهود باراك، الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي عنان..
لقد عمدت الحكومات "الاسرائيلية" كلها الى التسويف في تطبيق الاتفاقات , لا بل انقلبت عليها جذريا , وما يمكن ان يكون في المرحلة اللاحقة ولذلك يمكن ان يكون كل ما فعله ترامب ليس الا صفقة مرحلية بلا عمق سياسي , او اعادة الحقوق التاريخية , وهذا كاف , ومن ابرز عوامل التفجر في مقابل احتلال نهم ومفترس .