باكستان… هل تشكل دعوة الأميركي تهديدًا لإيران؟ ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 13 تشرين الأول , 2025 11:48 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يشهد إقليم بلوشستان الباكستاني تطورًا استراتيجيًا بالغ الحساسية مع عرض قائد أركان الجيش الباكستاني؛ الجنرال عاصم منير، على الولايات المتحدة استثمارًا بقيمة 1.2 مليار دولار في ميناء باسني، الواقع على الساحل الجنوبي المطل على بحر العرب، في خطوة تهدف إلى جذب الاستثمارات الأميركية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

يتضمن المشروع المقترَح بناء ميناء عميق المياه في باسني، مع ربطه بشبكة سكك حديدية لنقل المعادن النادرة من المناطق الداخلية، مثل النحاس والأنتيمون، إلى الميناء لتصديرها. ورغم أن بعض المسؤولين الباكستانيين وصفوا المناقشات حول المشروع بأنها "استكشافية" وليست جزءًا من سياسة حكومية رسمية، إلا أن هذه الخطوة تُظهر رغبة باكستان في تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة، خصوصاً بعد توقيع اتفاق تجاري بين البلدين في تموز 2025.

هذه الخطوة الباكستانية، وإن كانت اقتصادية في ظاهرها، تُعد تحوّلًا استراتيجيًا في معادلات القوة البحرية والتجارية في جنوب آسيا، لما تحمله من تداعيات على مصالح إيران والصين والهند، وتوازنات النفوذ في منطقة هامة، تتقاطع فيها مشاريع الموانئ الكبرى: جوادر (الصين) – تشابهار (إيران/الهند) – باسني (الولايات المتحدة/ محتمل).

وكما يبدو من المقترح تحاول باكستان الموازنة بين:
- الصين التي تستثمر في ميناء جوادر (جزء من مبادرة الحزام والطريق)، والولايات المتحدة التي تريد ان تفتح باب التعاون الأمني والعسكري معها.

- إيران، وهي دولة جارة، وهناك الكثير من الروابط المشتركة، ولها مصلحة في التنمية في إقليم بلوشستان، ودول الخليج التي تتجه علاقاتها معها الى مزيد من التطور، خصوصاً بعد توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع السعودية.

وبالتالي، يُنظر إلى المشروع الجديد – في حال تنفيذه - كتحوّل في موازين القوة في بحر العرب، خصوصاً بعد أن ألغت الولايات المتحدة الإعفاءات الخاصة بميناء تشابهار، الذي تستثمر فيه الهند في إيران، وذلك في أيلول 2025، ومع عودة العقوبات الأممية على إيران، ما يجعل الاستثمار الدولي في موانئها أقل جاذبية.

ومع ذلك، المشروع الباكستاني المعروض على الولايات المتحدة "في صورته الحالية" لا يهدد إيران استراتيجياً، إلا إذا قامت الولايات المتحدة بعسكرة الميناء، ما يجعلها على مقربة من الحدود الإيرانية. لكنه، بالتأكيد، يضع الصين والولايات المتحدة في مواجهة جيو-اقتصادية جديدة داخل باكستان، ما يجعل الأخيرة ساحة تماس جديدة بين القوتين.

 

وعلى الرغم من الأبعاد الجيوسياسية الكبرى، يظل المشروع محفوفًا بتحديات داخلية معقدة قد تقوض جدواه. فمن ناحية، تثير المبادرة التي يقودها قائد الجيش الباكستاني تساؤلات حول التوافق الداخلي داخل النخبة في إسلام أباد؛ فهل تحظى هذه الخطوة الجريئة بدعم كامل من الحكومة المدنية والأحزاب السياسية، أم أنها تكرّس مرة أخرى هيمنة المؤسسة العسكرية على صناعة القرار الاستراتيجي، مما قد يفتح الباب لصراعات داخلية حول اتجاه السياسة الخارجية؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل