أقلام الثبات
نعطي للقرارات السياسية الرسمية أهمية عظمى، ونتجاهل الأصوات الشعبية الصادقة الراقية في كل بلد، بحيث نُشيطن أميركا، وهي الشيطان الأكبر، ونلعن "إسرائيل"، وهي ملعونة، ونزدري العروبة المقبورة مع "الشيخ زنكي"، ونغفل صرخات شرفاء العالم والأنقياء من العرب والغربيين، ونقرأ هنا نماذجاً عن أقوالهم - وَهُم من غير المسلمين - على ضريح جامعة عربية، رغم قناعتنا بأن لا قيامة لها.
نتيجة ضياع البوصلة العربية خلال الحرب الإيرانية - الصهيونية، نقرأ للنائب الأردني السابق المسيحي طارق حنا خوري، تغريدته التي أغاظت بعض الأبواق التكفيرية خلال الأسبوعين الماضيين عندما تساءل:
هَلْ الشيعة من خان فلسطين؟ هَلْ الشيعة من دمروا ليبيا وَيقتلون أهل ليبيا السُنَّة؟ هَل الانتحاريون الذين يفجرون أجسادهم بفي العراق والسعودية وَالكويت شيعة؟ هَلْ من يحرق اﻷقصى شيعة؟ هَلْ الشيعة من دمروا الصومال؟ هَلْ الطائرات اﻷميركية التي قصفت بغداد طارت من مطارات الشيعة؟ هَلْ تفجيرات سيناء يقوم بها شيعة؟ هَلْ القاعدة وَداعش وجبهة النصرة شيعة؟ لماذا لم نرَ عملية انتحارية في الصهاينة لكننا نراها بين أهلنا وَشعوبنا؟
هنيئاً للصهاينة بنا، حوَّلوا بندقيتنا إلى اتجاه آخر وَها هم يبنون كل يوم مستوطنة ويضحكون.
الإعلامية الأميركية "آبي مارتن" وقفت على منبر أحد المؤتمرات وقالت:
"عند النظر الى الجرائم بحق الإنسانية التي رأيناها، وتحديداً ضد الأطفال المغلوب على أمرهم، الذين ذبحوا بعشرات الآلاف، نجد أن الإنسانية قد ماتت. لا أعرف كيف سأخبر اطفالي، لا أعرف كيف أشرح لهم أن العالم سمح بهذا، وإذا لم نحاسب "إسرائيل"، ما التالي؟ ما التالي؟ هذا هو السؤال الذي أريد طرحه".
وتابعت مارتن: "هل هذا حقاً العالم الذي سنعيش فيه، حيث يمكن لهذه "الدولة" ارتكاب هذه الجرائم أمام الكاميرات دون الخشية من العقاب وبفخر؟
هذا ليس العالم الذي أرغب بتربية أطفال فيه، إنه يرعبني، وإذا لم تتأثر بما ترى فكيف أنت إنسان؟
وانهت مارتن مطالعتها بالقول: "أعتقد أن الناس في غزة يجب أن يعرفوا، أن هذه بداية نهاية الدولة الصهيونية، التي لا تستمر سوى بالقتل والقتل والقتل، وهذه ليست استراتيجية للاستمرار وكسب الرأي العام في العالم".
عضوة الكونغرس الأميركي "مارجوري تايلور غرين"، في إشارة منها الى اختراق الصهاينة العملية السياسية الأميركية والتحكم فيها قالت: الرئيس جون كنيدي قُتِل نتيجة معارضته البرنامج النووي "الإسرائيلي" عام 1963.
وتزامن موقف "غرين" مع إقالة الجيش الأميركي للعقيد "ناثان ماكورماك" من منصبه في هيئة الأركان المشتركة لأنه وصف "إسرائيل" بأنها طائفة الموت، وأن أميركا أداة تعمل لصالحها.
وننهي في نماذج الأقوال حول الأحداث الحاصلة في الشرق الأوسط، خلاصة مقابلة صحيفة طهران تايمز مع الأستاذ المحاضر في جامعة كولومبيا جيفري ساكس، الذي تحدّث عن الدوافع الحقيقية والعميقة وراء العدوان "الإسرائيلي" - الأمريكي على إيران. وأشار ساكس الى أن "استراتيجية "فرّق تسد" الأميركية - "الإسرائيلية" هي التي تؤجج عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن نتنياهو يحاول تطبيق خطته المعروفة باسم "القطع النظيف" (Clean Break)، القائمة منذ العام 1996، وتعني هذه الاستراتيجية أنه لن يكون هناك "أرض مقابل السلام" (أي لا حل دولتين)، وأن إسرائيل، بدعم عسكري أميركي، ستعمل على إسقاط الأنظمة في الشرق الأوسط التي تدعم مقاومة الفلسطينيين لهيمنة "إسرائيل" على الأراضي المحتلة،
وقد أدّت هذه السياسة إلى الحروب الأميركية - الإسرائيلية في لبنان وسوريا والعراق والسودان وليبيا والصومال، والآن إيران".
ولعل أبرز ما في مقابلة "ساكس" مع طهران تايمز قوله: داخل "إسرائيل" الآن 8 ملايين يهودي مقابل 8 ملايين عربي (بين الضفة الغربية والقطاع)، والغريب أن هناك 145 دولة من أصل 180 حول العالم اعترفت بوجوب قيام دولة فلسطين.
ولعل ما لم يقله ساكس نستطيع قوله من تجربة غزة مع العرب، أن 8 ملايين فلسطيني في الداخل لا بد لهم من دولة، وأن لا أمان لمنطقة الشرق الأوسط من غزة حتى طهران، قبل إقرار أمان الشعب الفلسطيني، حتى ولو سكنت كل الأمة العربية ضريح الاستسلام.