السياسة الأميركية في لبنان.. من أورتاغوس الى برّأك ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 14 تموز , 2025 11:27 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى البيت الأبيض، تَعاقب على إدارة الملف اللبناني كل مورغان أورتاغوس، التي قادت خطاً صارماً ومباشراً، وتوم برّاك، الذي يقدم مقاربة أكثر هدوءاً وتدرجاً.

أورتاغوس اتّبعت سياسة عدائية الخطاب تجاه بعض المكونات اللبنانية، واستخدمت أسلوباً يبتعد عن الدبلوماسية، وحاولت وضع العديد من "الخطوط الحمراء" خلال زياراتها المتكررة لبيروت، حيث أعلنت في شباط، وخلال تشكيل الحكومة اللبنانية، أن "الولايات المتحدة وضعت خطاً أحمر واضحاً: لا مكان لحزب الله في أي حكومة لبنانية".

وتبنّت أورتاغوس نهجاً يقوم على ربط الدعم المالي والسياسي للبنان بشكل مباشر بموقع حزب الله داخل السلطة، كما اعتبرت أن نزع سلاح الحزب يجب أن يتم "بأسرع وقت ممكن"، دون أي تسويات تدريجية أو إطالة أمد التفاوض، معتبرة أن على الجيش اللبناني أن ينزع سلاح حزب الله بالقوة وإلا لا نفع للمساعدات الأميركية التي ما زالت تتدفق عليه منذ 20 عاماً.

وكادت المقاربة التي اتبعتها أورتاغوس تغرق لبنان في مشاكل داخلية، حيث كانت تقوم بدفع الحكومة اللبنانية على اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة، ملوحة بالعقوبات او بحجب المساعدات في حال استمرار "هيمنة الحزب" أو بقاء سلاحه.

في المقابل، يعتمد المبعوث الأميركي – اللبناني الأصل - توم برّاك سياسة "الهندسة التدريجية"، معتمداً خطاباً مختلفاً في الشكل والمضمون. وباستثناء تهديداته المتعلقة بما سماه "عودة لبنان الى بلاد الشام"، وتهديده بالقول "السوريون يقولون إن لبنان هو منتجعنا الشاطئي"، باستثناء تلك التصاريح التي أثارت حفيظة اللبنانيين، لم يطرح برّاك شعارات حادة، بل أدار الملف بأسلوب "المقايضة الناعمة" (أو ما سماه العصي والجزر).

وفي زيارته الأخيرة الى لبنان ومقابلاته المتعددة، ميّز برّاك بين الجناح السياسي والعسكري لحزب الله، مرتكزاً الى الحوافز الاقتصادية (لا العقوبات) لإحداث التغيير، ومتحدثاً عن أن الأميركيين يأتون للمساعدة وليس لفرض رأيهم على اللبنانيين الذين عليهم أن يغتنموا الفرصة ولا يضيعوها، لأن المنطقة ستسبقهم.

وبعكس اورتاغوس التي كانت تريد أن تنزع السلاح بالقوة قائلة إنها ليست خائفة من التداعيات لأن حزب الله انهزم، أكد برّاك أن "عملية نزع السلاح يجب ان تكون من الحكومة اللبنانية، وبموافقة كاملة من حزب الله نفسه". وقال إن "عملية نزع السلاح تتطلب تدخل الجيش اللبناني، الذي يحظى باحترام واسع، وبدعم اميركي ودولي، ويجب تمكين الجيش اللبناني لكي يستطيع أن يقول لحزب الله هذه هي آلية إعادة السلاح، وهنا نحن لا نتحدث عن حرب أهلية".

رغم الاختلاف الواضح بين مقاربتي أورتاغوس وبرّاك، لكن يبقى هناك نقاط ثابتة في السياسة الأميركية تجاه لبنان:

1.      رفض استمرار سلاح حزب الله.

2.      دعم الجيش اللبناني كقوة شرعية وحيدة مسموح لها بحمل السلاح.

3.      ربط الاستقرار السياسي بالإصلاح الاقتصادي، والاندماج في مشاريع المنطقة.

وهكذا، لم تغيّر الولايات المتحدة أهدافها في لبنان، لكنها عدّلت أدواتها.. بين حدة أورتاغوس ومرونة برّاك، تبقى الأهداف الأميركية نفسها، بالرغم من تباين الخطابين في النظرة الى أسلوب التنفيذ. وهكذا، يبدو في المرحلة الحالية أن الأميركيين اختاروا السير بمبدأ التدرج، لا الكسر، في التعامل مع أكثر ملف أهمية للأميركيين و"الإسرائيليين": سلاح حزب الله


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل