أقلام الثبات
تتعامل أميركا بموضوع نزع سلاح المقاومة وكأن المقاومة وأهلها قد انهزموا ولا طريق أمامهم للنجاة والعيش كعبيد سوى تسليم السلاح، لتخفيف الخسائر على أميركا و"إسرائيل"، ومحاولة شراء الأمن والسلاح والسلطة في لبنان بالوعود الكاذبة وغير المضمونة، والتي دفعنا ثمنها بعد وقف النار 600 شهيد وجريح دون الرد برصاصة واحدة!
نتفهّم ونعلم الضغوط الكبيرة والتهديدات التي تتعرّض له قيادات "الثنائية"، والتي يمكن ان تدفعها للتنازل عن السلاح بحجّة حفظ ما تبقى من قوة الشيعة، وبما لا يتناسب مع قوة المقاومة واهلها، والتي اعترفت اميركا و"إسرائيل" بحجمها وتحاول التخلّص منها مجاناً.
لابد ان تصمد قيادة الثنائية ولا تفاوض، حتى لو وصلت للتفاوض على حافة الهاوية، وعدم تسخيف قيمة هذا السلاح وسهولة نزعه او تسليمه بأسهل من استعادة الأملاك البحرية، أو بعض التعيينات الإدارية، أو استرداد الودائع المنهوبة.
لقد دفعنا مقابل هذا السلاح أثماناً كبيرة طوال 70 عاماً، وبسببه ورعاية الله سبحانه فقد نعمنا بالاستقرار 20 عاماً، وله وظيفة؛ حماية الأمل والأمان والحقوق للعقود القادمة، ولا يمكن بيعه بالوهم والسراب والكذب والخداع.
كان ثمن هذا السلاح كبيراً ومؤلماً؛ شهداء وعذابات وتهجير ومجازر، ودفعنا:
- 20 عاماً من النقل والحفر والتصنيع والشراء والحراسة.
- آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين منذ 70 عاماً.
- عشرات آلاف عوائل الشهداء، وعذابات الأمهات والآباء والزوجات الأرامل والأبناء الأيتام.
- مليارات الدولارات للصواريخ والمسيّرات والأنفاق.
- عشرات آلاف الشباب المهاجرين والمعوّقين بلا ارجلٍ وبلا أيدٍ وبلا عيون.
نسأل: هل صرنا من الضعف والانهزام حتى يتم التعاطي مع المقاومة واهلها وكأنهم جالية غير لبنانية؛ لا تملك حقوق النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين والاحتلال "الإسرائيلي"؟
المقاومة وأهلها لا يرغبون بالبقاء في ساحة القتال طوال العمر، لكن لن نسلّم السلاح دون تأمين البديل، ولن نعطيه بثمن بخس.
فاوضوا من موقع القوة وعدم الخوف، وافرضوا الأثمان الممكنة، مقابل تحييد السلاح الثقيل فقط؛ بتسليمه للدولة او إرجاعه للجهات التي تبرّعت به، أو بالشراكة بين الدولة والمقاومة، وأن يسبقه تحقيق ما يلي:
- الانسحاب "الإسرائيلي" الكامل من النقاط الخمس وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا، والالتزام باتفاقية الهدنة.
- ترحيل النازحين السوريين، حتى لا توظّفهم اميركا كقوة مقاتلة ضد المقاومة بعنوان "الميليشيا" لحماية السنّة في لبنان بقيادة الجولاني.
- التعهد بمنع التوطين، ونزع السلاح الفلسطيني الذي يهدد الأمن اللبناني 80% من المخيمات في المناطق ذات الأغلبية الشيعية.
- الالتزام بإعادة إعمار القرى التي دمّرتها "إسرائيل" خلال مهل زمنية لا تتعدى الثلاث سنوات.
المهلة الزمنية لتسليم السلاح الثقيل هي مهلة تنفيذ المطالب .
ان التسرّع بالتنازل عن السلاح، بحجّة حفظ ما تبقى والنجاة مما سياتي، وأنه لا قدرة لنا على مواجهة "اسرائيل" هو قرار خاطئ وآثم، فبعد الاجتياح "الاسرائيلي" عام 82 كان مبرّر البعض للتوقيع على اتفاق 17 أيار ان "العين لا تقاوم المخرز"، لكن مبادرة الناس وبعض الشباب المقاومة قبل قرار القيادات، واستطاعوا تنظيم مقاومة شعبية حرّرت الأرض بدون اتفاقيات سلام، وكنّا بلا سلاح، أما الآن فنملك السلاح والخبرة، ولا نحتاج إلا إلى الصبر والشجاعة في التفاوض.
من يوقع على تسليم السلاح سيجعله منتمياً إلى "المذهب الساداتي" الذي وقّع اتفاقية "كامب ديفيد"، وسيهدر دماء كل الشهداء، وسيترك الإمام الحسين (عليه السلام)، وسيتخذ من أنور السادات إماماً له، ونسأله: لماذا تأخرتَ عن الاستسلام 40 عاماً ودفعت كل هذا الأثمان الغالية من الشهداء والتدمير والعذاب والدموع.. وكان بإمكانك تحصيل أثمانٍ أكبر؟
لا تلوّثوا تاريخ الشيعة الشريف والمقاوم للظلم، والذين لم يرموا السلاح يوماً، وحتى لا نحيي ذكرى اختطاف إمام المقاومة السيد موسى الصدر وشهيدها "السيد الشهيد" ونحن بلا سلاح وبلا كرامة وبلا أمان... وليكن شعار مسيرات العاشر من محرّم: "لا لنزع السلاح... نعم للعزة أو الشهادة".
لماذا نزع السلاح قبل وقف الحرب وإعادة النازحين وسحب سلاح المخيمات؟ ــ د. نسيب حطيط
الأربعاء 02 تموز , 2025 10:32 توقيت بيروت
أقلام الثبات

