أقلام الثبات
بعدما أفشل المقاومون الحسينيون الاجتياح البري "الإسرائيلي" وقاتلوا بشكل اسطوري طوال 66 يوماً، ومنعوا الاحتلال من الوصول الى الليطاني، بغياب قائدهم "السيد الشهيد" وكل القيادات المركزية والميدانية، وانقطاع التواصل والإمداد وتهجير أهلهم، وانكشافهم أمام سلاح الجو، وأثبتوا قدرة المقاومة على القتال في أقصى الظروف الصعبة، ولم ينهزموا ولم يستسلموا بل قاتلوا حتى الاستشهاد.. بعد كل ذلك يحاول العدو نزع سلاح المقاومة بأيدٍ وألسنة لبنانية ،بواسطة الدولة والجيش والسياسيين المتحالفين معه، أو الذين بدأوا بالالتحاق بقطار التطبيع والسلام ، لعجزه عن نزعه، بالقوة وهو الذي جرّب مقاومة اللبنانيين طوال 18 عاماً ،وفرّ هارباً عام 2000.
تخادع امريكا و"إسرائيل" اللبنانيين بطرحها شعار تسليم السلاح للدولة وتقوية الجيش اللبناني، وينخرط بعض حلفاء "إسرائيل" والمطبّعين الجدد في هذا المشروع، لذلك لابد من توضيح بعض المغالطات:
- المغالطة الأولى: شعار تسليم السلاح كاذب ومخادع، فالمصطلح الأساس هو نزع السلاح، او تسليمه بالإكراه والتهديد.
- الثانية :لا تسليم للسلاح للجيش اللبناني ،لاقتنائه وابقائه، بل لتفجيره .
- الثالثة: تسليم السلاح لدولة غير موجودة، ويصادر قرارها أميركا عبر "الحاكم الأميركي " الذي يملي على المسؤولين الأمور الواجب تنفيذها، ويتابعها كناظر ومراقب يملك قرار التأنيب والعزل والمحاسبة والعقوبة.. فهل يمكن تسليم السلاح لدولة غير موجودة، او مخطوفة؟!
- الرابعة: المطالبة بتسليم السلاح للجيش ومنعه من اقتنائه، وفرض تفجيره ،لأنه غير مسموح لأي جيش عربي ان يكون قوياً، او أن يمتلك السلاح النوعي، وآخر الأدلة الواضحة تدمير "إسرائيل" لترسانة الجيش السوري بعد سقوط النظام، ولم تترك هذا السلاح لسلطة "الجولاني"، التي قال نتنياهو إنه كان شريكاً معه في إسقاط النظام ،والرعاية الأميركية لها وإشراف تركيا ودول الخليج عليه ،ومع ذلك لا يُسمح له بتشكيل جيش قوي، ماعدا امتلاكه سكاكين الذبح والعبوات الانتحارية والسلاح القادر على قتل المدنيين.
تنهال المواعظ والاتهامات والنصائح والتهديدات على المقاومة وأهلها لوضعهم بين خيارين:
- تسليم السلاح على نفقتهم؛ طوعاُ وغباءً.
- انتظار القتل بحرب إبادة تقودها امريكا وينفذها ثلاثة حلفاء ("إسرائيل" والجماعات التكفيرية وتحالف القوى اللبنانية المعادية للمقاومة).
نحن أهل المقاومة الذين تقتلنا "إسرائيل" منذ عام 1948 قبل أن نحمل السلاح، وقبل ان يكون لنا تنظيماتنا المقاومة، وكنا ضحايا الدولة اللبنانية "التي يحكمها اليمين المسيحي"، والتي وقّعت "اتفاق القاهرة"، وسمحت بالعمل الفلسطيني المسلّح، نسأل:
- من يحمينا من "إسرائيل" المتوحشة حتى لا يكون الجنوب غزة ثانية، وقد دمّرت "إسرائيل" قرانا الحدودية وتمنع اعمارها؟
- من يحمينا من الجماعات التكفيرية بعد معايشتنا للأحداث السورية، وقتل العلويين والمسيحيين، وتهجير الشيعة (لم يبق من الشيعة سوى قلّة في دمشق)، ومنع مجالس العزاء وإغلاق مقام السيدة زينب (عليها السلام)؟
-من يحمينا من القوى اليمينية المتحالفة مع "اسرائيل" التي اشعلت الحرب الأهلية واقامت دويلة سعد حداد "الإسرائيلية"، بمباركة وتأييد الجبهة اللبنانية المسيحية، والتي انضم اليها الآن الحزب التقدمي الاشتراكي بإعلانه الرضا بالتطبيع، وسيلتحق به آخرون سراً وعلانية؟
نقول وبوضوح: لن نسلّم السلاح دون تأمين ضمانات بديلة وموثوقة، وإذا تم نزعه بالقوة والحرب او سلّمته المقاومة طوعا او إكراها - مع استحالة ذلك - فلا يعني ان المقاومة قد انتهت، بل تكون نهاية تنظيم مقاوم فقط، وستظهر مقاومة بديلة، لأننا لن نقدّم رؤوسنا للسيّاف الذي يجلس على عرشه ونهديه سيوفنا ليذبحنا بها.
المقاومة الحاضرة الآن، أو البديلة، لا تحتاج إلى صواريخ دقيقة أو باليستية، وليست مضطرة لاجتياح الجليل، فمن يحلم بالتطبيع لن يهنأ بالإقامة او حكم لبنان ومن يعتقد من الأغبياء اللبنانيين اننا سنكون في الجحيم وسيكون في النعيم فهو مخطئ وغبي ، فإما أن يكون لبنان لنا جميعا، أو لن يكون "لإسرائيل" وأميركا وعملائهما.
ننصح حلفاء "إسرائيل" والمنتسبين الجدد للتطبيع و"السلام" (الاسم الملّطف للعمالة) ان يراجعوا تاريخ من تعامل مع "اسرائيل"، وكيف تركت لحد وجنوده على بوابة فاطمة، وكيف تركت "القوات اللبنانية" في الشوف، لترحيلهم بالباصات بعدما كانوا "رأس الحربة".
نحن المقاومين اللبنانيين من كل الطوائف: يكفينا شرفاً أننا نقاتل أميركا و"اسرائيل"، رغم عدم توازن القوى.. يكفينا أننا عشنا اعزاء ونستشهد كراماً، أما المطبّعون فسيغرقون بالعار وسيصرخون يوماً كما صرخ الرئيس الفلسطيني المطبّع: "احمونا احمونا.. لو كنا حيوانات.. احمونا "... ولن يحميكم أحد!
