أقلام الثبات
تخوض إيران حرب الدفاع عن نفسها وحقوقها وعن الإسلام التحرّري والقضية الفلسطينية، وتثبيت دعائم المحور المقاوم للمشروع الأميركي، الذي يستبيح المنطقة والعالم لفرض نظامه وقوانينه وسيادته التي تعلو فوق كل سيادة وقانون دولي، لتثبيت أميركا" فرعون العالم" الذي يفعل ما يشاء ويجبي الجزية من الملوك والأمراء ويلغي دولاًً ويُسقط أنظمة ويهجّر شعباً، لإقامة منطقة سياحية في غزة.
نجت إيران من محاولة اغتيالها كدولة مقاومة لأميركا واستوعبت الضربة الأولى واستعادت زمام المبادرة بالهجوم المضاد الذي لا يزال مستمراً ،فإذا كانت الأيام العشرة الأولى من الحرب للدفاع عن النظام والملف النووي ووجود إيران كدولة موحّدة وقوية، فإن الأيام العشرة الثانية ستكون أيام حرب استنزاف ،لإنهاك العدو واستنهاض الأمة وتثبيت توازن الردع، وجمع نقاط القوة لفرض الشروط عند التفاوض لوقف النار الذي صار حاجة "إسرائيلية" وأميركية أكثر منه حاجةً إيرانية للاعتبارات التالية:
- لا يستطيع الكيان "الإسرائيلي" تحمّل أيام قصف إضافية، والتي لم يشهد مثلها منذ تأسيسه، والتي صدّعت وزعزعت وزرعت الشك في عقول المستوطنين والسياح في صوابية وحقيقة توفّر الأمن المؤكد الذي لا يستطيع أحدٌ خدشه ،فقد سقط الأمن "الإسرائيلي" (العسكري والاجتماعي والأخلاقي) عند أول قصف صاروخي إيراني، واستطاعت ايران بصواريخها هدم ما بنته "البروباغندا" السياسية "الإسرائيلية" عن "إسرائيل الآمنة"، وما بنته "البروباغندا" الدينية اليهودية التي أقنعت "الإسرائيليين" (جيشاً وجنوداً ومدنيين) بأن الله معهم، وسيحميهم من القصف، حتى فرّ الحاخامات والجنود والمدنيون الى الملاجئ!
ان استمرار حرب الاستنزاف الإيرانية سيجمع نقاط قوة للمشروع المقاوم بقيادة إيران في الداخل الإيراني اولاً، حيث اعطت الحرب عليها مردوداً عكسياً، فبدل ان ينقلب الناس على النظام توحّد الشعب الإيراني حول دولته على مختلف أطيافه (محافظين وإصلاحيين ومعارضين) من منطلقات مختلفة؛ دينية ووطنية وقومية.
- استطاعت الصواريخ الإيرانية استنهاض الأمة النائمة والمشلولة والصامتة والمقموعة او المضلّلة، وأثبتت بالدليل إمكانية مواجهة المشروع الأميركي "الإسرائيلي"، وان ما تفرضه أميركا ليس قدراً محتوماً لا يمكن رفضه واسقاطه، وأثبتت ضعف "إسرائيل" التي يهرب العرب ليطبّعوا معها لاسترضائها طلباً للحماية وهي ظهر عجزها وضعفها، فاستغاثت بأميركا والناتو والعرب وتركيا لإنقاذها، وما من عاقل عربي حاكماً كان او جماعة يطلب نجدة ومساعدة "إسرائيل" الضعيفة بعد الآن!
بعد عشرة أيام من الصمود والرد الإيراني، طلبت أميركا العودة للمفاوضات، وأعلنت "إسرائيل" استعدادها للقبول بوقف النار إذا وافق المرشد الأعلى، الذي نجا من محاوله اغتياله "الإسرائيلية" - الاميركية ،مما يستدعي ان تُكمل إيران "حرب الاستنزاف" أياماً أخرى، وتأجيل الرد على أميركا، ليكون خاتمة الحرب ،لتحقيق الشروط التالية:
- تامين المصالح الإيرانية ،لجهة حق الاستثمار السلمي للملف النووي الايراني، ورفع العقوبات، واسترداد الأموال المصادرة.
- وقف النار على جبهتي "لبنان وغزة"، وإلزام العدو بوقف الاغتيالات والقصف داخل لبنان وغزة.
استطاعت إيران ان تمحو سنوات من التحريض المذهبي والقومي ضدها، واستطاعت تثبيت موقفها الداعم للفلسطينيين بالنار والمال والسلاح والدعاء (بالتلازم مع الدعم العربي والتركي "لإسرائيل")، تأكيداً للموقف الذي أطلقه الإمام الخميني عام 1977 قبل انتصار الثورة (أتذكر أننا وزّعنا أول بيان له يدعو الشيعة بجواز صرف أموال الخمس للمقاومين الفلسطينيين) خلافاً لما يطلقه المفترون والمنافقون وناكرو الجميل بأن إيران تدافع عن نفسها ولا تدافع عن غزة، وإلا لماذا تأخرت عن الرد بالصواريخ؟! ونسألهم اليس واجبكم ان تسألوا العرب قبل ان تسألوا إيران؟ ولماذا تقصف اميركا و"إسرائيل" إيران والمقاومة اللبنانية والعراقية واليمنية؟ اليس عقابا لهم لأنهم يساندون فلسطين؟
يمكن لإيران تحويل الضربة الأميركية - "الإسرائيلية" إلى فرصة لإعادة ترميم محور المقاومة، خصوصاً أن أميركا و"إسرائيل" تتهمان حركات المقاومة الحليفة لإيران بأنها أذرع لإيران، ويتباهى نتنياهو بأن "اغتياله للسيد نصر الله فتح له الطريق الى طهران"، وعلى إيران إعادة إغلاقها.
الفقه الإسلامي يجيز قضاء الصلاة والصيام والحج بالإنابة، فلتكن الصواريخ الإيرانية قضاء عما فات عند اغتيال "السيد الشهيد"، وقصفاً بالإنابة عن الصواريخ اللبنانية التي فجّرها العدو.
ندعو لإتمام حرب الاستنزاف عشرة أيام أخرى، وان لا تكون قصراً (زمناً او مطالب)، حتى لا تخسر إيران ما أعادت جمعه، ونخسر ما تبقى لدينا من قوة.
حرب إيران.. لاستنزاف العدو واستنهاض الأمة ــ د. نسيب حطيط
الإثنين 23 حزيران , 2025 10:36 توقيت بيروت
أقلام الثبات

