أقلام الثبات
بعد الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية تكون أميركا قد دخلت الحرب على إيران بشكل علني ومباشر، بما يخالف للقانون الدولي والإنساني والأخلاقي، لأن قصف المنشآت النووية بمنزلة تفجير قنبلة نووية داخل إيران؛ في تكرار لجريمة أميركا النووية في "هيروشيما" و"ناغازاكي" في اليابان وما يمكن ان تقتل من المدنيين وقد تطال دولاً عربية أخرى حليفة لأميركا و"إسرائيل".
يعتقد البعض أن الضربة الأميركية ضربة مؤلمة ونكسة لإيران وربحاً للتحالف الأميركي - "الإسرائيلي"، مما يصيبه بالخوف والذعر لأن المعركة قد انتهت لصالح هذا التحالف، وان المحور المقاوم قد خَسر كل أوراقه بعد ضرب "الرأس"، لكن الحقيقة مخالفة تماماً ويمكن ان تكون ضربة "فوردو" نقطة تحول لصالح المحور المقاوم وفي مقدمته إيران وفق التالي:
- إن قصف المنشآت النووية الإيرانية وإعلان الرئيس الأميركي تدميرها والانتهاء منها يسلب أميركا و"إسرائيل" مبرّرات استمرار الحرب على إيران التي حدّدوها ظاهراً بالملف النووي، وبالتالي انتفاء الأسباب والمبرّرات، مما سيدفعهم للإعلان عن انتهاء هجومهم على إيران وبقاء النظام والقدرات الصاروخية.
- ان التدخل الأميركي المباشر في اليوم العاشر للحرب استجابة للاستغاثات "الإسرائيلية" أظهرت عجز "إسرائيل" عن الدفاع عن نفسها منفردة، وأثبتت أنها دولة ضعيفة، استقوت على بعض حركات المقاومة الشعبية المحاصرة لتسجيل الانتصارات المؤقتة، لكنها انهزمت عند أول حرب مع دولة إيران وخلال عشرة ايام فقط، وبدأت وشعبها ومسؤوليها يصرخون ويطالبون أميركا بالتدخل.
- تدّعي أميركا وإسرائيل أنهما حقّقتا نصراً كبيراً بتدمير السلاح النووي الإيراني - غير الموجود أصلا - والذي أعلنت إيران انها لم تنتجه بعد، وكذلك الطاقة الدولية، وبالتالي تتباهى أميركا بأنها فجّرت سلاحاً وهمياً وافتراضياً، وان تفجيرها لهذه المنشآت النووية ذات الهدف السلمي والطبي اعتداء على الصناعة والاقتصاد الإيرانيَّين، مما يفسح المجال أمام إيران للرد على اي منشآت اقتصادية مدنية أميركية و"إسرائيلية".
- أنهت الضربة الأميركية للمنشآت النووية، بنك الأهداف الأميركي - "الإسرائيلي" المُعلن على المستوى العسكري؛ من اغتيال العلماء النوويين والقادة العسكريين وتدمير المنشآت النووية والقواعد العسكرية.
- توسّع بنك الأهداف الإيرانية بعد الهجوم الأميركي، ليشمل القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة، وكل المنشآت الاقتصادية والنووية والعسكرية "الإسرائيلية"، والتي تقصفها إيران بالصواريخ التي لا زالت موجودة ولم تستعمل سلاحاً نووياً في الأيام العشرة الماضية.
- أعطت الضربة الأميركية لإيران الأسباب والمبرّرات لاستكمال حرب الاستنزاف ضد "اسرائيل" من موقع حقها في الرد، وهذا ما سُينهك "اسرائيل" ويدفعها الى تقديم التنازلات بدل إيران.
- خسارة اميركا في المفاوضات القادمة لشرط التنازل عن الملف النووي الإيراني (الذي فجّرته وفق إعلان ترامب)، وفي حال مطالبتها بذلك فتكون أمام خيارين، إما انها كاذبة ولم تستطع تفجير المنشآت، وهذا ربحٌ لإيران، او تعترف بتفجيرها، وهذا ربحٌ لإيران أيضاً، لأنها تكون قد احتفظت بقدراتها النووية وخدعت أميركا.
الضربة الأميركية لا تعني حتمية توسّع الحرب وتطوّرها الى حرب كبرى، فربما تكون مدخلاً لتسوية بين إيران وأميركا و"إسرائيل"؛ بما يؤمن مصالح الجميع، وتكون الضربة الأميركية مخاض ولادة هذا الحل الذي يستدعي ان يكون هناك رد إيراني على القواعد الأميركية "وفق سقوف" محسوبة، مع رد كبير على "إسرائيل"، وذلك لحفظ معنويات الشعب الإيراني، ولزيادة نقاط القوة الإيرانية قبل الجلوس على طاولة المفاوضات المباشرة وغير المباشرة.
لا يمكن اعتبار الهجوم الأميركي فعلاً ذكياً، بل هجوم انفعالي وغبي يعتمد الاستعراض والمزاجية، ويعكس التخبّط والارتباك ،مقابل الهدوء والاطمئنان الإيراني.
بانتظار الرد الإيراني في اليومين المقبلين، والذي سيحدّد مسار الحرب، لجهة خفضها أو تصعيدها، سيكون العالم أمام اختبار لما يسمى القانون الدولي والإنساني وحقوق الشعوب، وسقوط مبدأ الاحتماء بالهيئات الدولية، وان الحل الوحيد لحماية الحقوق والأمن للشعوب يتمثل بسلاحها وقوتها وقدراتها العلمية، وإيمانها بالله الأكبر من أميركا و"إسرائيل"، وأي قوة أخرى.
الجولة الأولى من الحرب الإيرانية - الأميركية و"الإسرائيلية" كانت لصالح إيران بالنقاط، رغم كل الخسائر البشرية والمادية والعلمية، مع الدعاء ان تربح إيران وأحرار العالم الجولة الثانية من الحرب..
لا تحزنوا ولا تخافوا مما أصابنا من خسائر، وربما ندفع أكثر، فنحن "وحدنا" نقاتل أميركا؛ فرعون العالم.
نتائج أولية للهجوم الأميركي على إيران _ د. نسيب حطيط
الأحد 22 حزيران , 2025 05:12 توقيت بيروت
أقلام الثبات

