الثبات - ثقافة
يُقال إن أول خطوة في طريق المعرفة تبدأ بـ "لماذا؟"، فالسؤال ليس مجرد أداة للاستفهام، بل هو مفتاح كل تطور فكري، وعلامة على وعي الإنسان ورغبته في الفهم والتأمل في عالم يعج بالمعلومات، تبقى ثقافة السؤال علامة فارقة بين من يستهلك المعرفة، ومن يصنعها ويطوّرها
أولاً: مفهوم ثقافة السؤال:
ثقافة السؤال هي القدرة على طرح الأسئلة الهادفة والمفتوحة التي تحفّز على التفكير وتدفع إلى البحث عن إجابات تتجاوز السطح وهي لا تعني الجهل، بل على العكس، تدل على الفضول العقلي والسعي المستمر لفهم أعمق للواقع
ثانياً: أثر السؤال في تطوير الفكر:
1- تحفيز التفكير النقدي: فالسؤال يكسر الجمود الذهني، ويمنع التلقين، ويشجّع الإنسان على التحقق لا التسليم
2- بناء العقلية التحليلية: الأسئلة الجيدة تفتح آفاقاً للنقاش والمقارنة والتحليل، مما يصقل الفكر ويجعله أكثر مرونة
3- الانتقال من التلقّي إلى الإبداع: السؤال يولّد أسئلة، وهذا يولّد معرفة جديدة، فالمفكرون والمخترعون غالباً ما انطلقوا من تساؤلات بسيطة
4- تحرير الفكر من القيود: في مجتمعات لا تقدّر السؤال، يخبو الإبداع، أما في المجتمعات التي تحتضنه، فيزدهر الفكر ويعلو شأن الإنسان
ثالثاً: السؤال في التراث الإسلامي:
تميّز التراث الإسلامي بروح السؤال؛ فالقرآن نفسه يتضمن أكثر من 300 سؤال، مثل قوله تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} ومثل قوله تعالى:{أفلا تتفكرون} هذه الأسئلة ليست فقط لإثارة الانتباه، بل لتوجيه العقل نحو التفكير والتدبر
رابعاً: كيف نغرس ثقافة السؤال؟
1- تشجيع الأطفال على السؤال وعدم كتم فضولهم
2- التعليم بأسلوب الحوار والنقاش بدلاً من التلقين
3- احترام الأسئلة مهما بدت بسيطة أو غريبة
4- تدريب الأجيال على طرح الأسئلة الصحيحة لا مجرد الإجابة
ختامًا: إن ثقافة السؤال ليست ترفاً فكرياً، بل ضرورة للنهضة وبناء المجتمعات الواعية ومتى ما ساد الصمت والخوف من السؤال، بدأ الانحدار المعرفي فكل فكرة عظيمة بدأت بسؤال، وكل حضارة تقدّمت لأنها سألت، وفكّرت، ثم أجابت.