الصواريخ الإيرانية... وآثارها المعنوية والسياسية ــ د. نسيب حطيط

الجمعة 20 حزيران , 2025 10:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
استطاعت الصواريخ الإيرانية، ضمن الرد الايراني على العدوان "الإسرائيلي"، تحقيق أهداف متعدّدة على المستوى العسكري والنفسي والمعنوي ،وثأرت لانكسارات وأحزان غزة والكرامة العربية والإسلامية التي داستها "إسرائيل" برعاية أميركية، حتى صار العرب إما ضحايا مقتولين بالقصف، او عبيداً برتبة ملوك وأمراء يدفعون الجزية للبقاء في الحكم.
استطاعت ايران  بواسطة القصف ليلاً لضرورات عسكرية واستخباراتية، استثمار  سماء المنطقة وتحويلها إلى "شاشة تلفزيونية كبرى" تنقل الحدث ببث مباشر ،دون رقابة عسكرية او قطع الإنترنت او تعتيم وتزوير غرف التحرير للشاشات السوداء، فتم تثبيت حدث الانتقام والثأر بشهادة الشعوب العربية في لبنان وسوريا والعراق والاردن وفلسطين، "كشهود عيان" يتابعون مسار الصواريخ المضيئة، كنجوم تضيء عتمة الليل العربي الذي أطفأت أنواره "اسرائيل" وأميركا ،بمساعدة الأنظمة والحكام والجماعات التكفيرية، والاحزاب الإسلامية المرجفة والمتخاذلة التي لم ترفع بندقيتها إلا ضد الأنظمة العربية والإسلامية بدل "إسرائيل".
استطاعت إيران ،بعد استيعابها الضربة "الإسرائيلية" القاتلة التي كادت ان تطيح بنظامها وبأحلام الأحرار في المنطقة وليس بملفها النووي فقط، أن تبدأ بالهجوم المضاد وتحقيق الأهداف التالية: 
- أثبتت إيران امتلاكها تقنية الصواريخ، وبكفاءات وطنية، وتحقيق توازن الردع مع "إسرائيل"، لتجاوز التفوّق الجوي "الإسرائيلي" بالطائرات عبر الصواريخ العابرة للدول، وإثبات مهاراتها ودقة الصواريخ، وتدمير القواعد والمراكز العسكرية الموجودة في الأحياء المدنية. 
-إعطاء جرعات معنوية للشعوب العربية والإسلامية التي قيّدتها الخيبة وفقدان الأمل بالنهوض او الانتصار، ووصل الى حد اليأس والتسليم بوجوب مبايعة أميركا و"إسرائيل" للبقاء على قيد الحياة كعبيد لا يملكون قرارًا ،بل ينفذون ما تقوله أميركا و"إسرائيل"، وإجبارهم على تغيير دينهم الإسلامي او المسيحي واعتناق "الديانة الإبراهيمية".
- بدأت الصواريخ الإيرانية تدمّر جدران الانقسام المذهبي والقومي التي بنتها أميركا عبر "الربيع العربي" والجماعات التكفيرية والإعلام الخليجي ومشايخ السلطة والفتنة الذين تجرؤوا على الله سبحانه ،فكفّروا من يعادي أميركا و"إسرائيل"، واباحوا الخمرة ليلا حتى السادسة صباحاً (ربما لاعتقادهم ان الله لا يرى بالليل) كما في تركيا "الأردوغانية " وحفلات الترفيه ،فخلال أيام قليلة بدأ السعار المذهبي والعداء لإيران يخف شيئاً فشيئاً، وكلما زادت أيام الصواريخ زادت الأرباح على مستوى الوحدة الإسلامية وتذويب الخلاف العربي - الفارسي.
-  كشفت الصواريخ الإيرانية ان "طبع" الشعوب العربية والإسلامية وموقفها الحقيقي مع المقاومة وضد التطبيع والسلام مع "إسرائيل"، واعلنت ذلك وهي تضحك وتهلّل وتزغرد للصواريخ العابرة لدولها حتى صارت الصواريخ عنصراً اساسياً من سهرات المنطقة وأعراسها وحديث الناس، بفرح وغبطه وكأنها الشعوب وجدت من يثأر لكرامتها ويترجم غضبها، لتعلن أنها ضد "إسرائيل" ومع المقاومة، لكنها صامته بسبب الخوف من قمع أنظمتها مع انها لو تحركت بشكل جماعي وصادق لأخافت الأنظمة واسقطتها!
- أدخلت الصواريخ الإيرانية الرعب والخوف في المجتمع "الإسرائيلي" الآمن منذ تأسيس الكيان المحتل ولأول مرة يسمع المستوطنون والمقيمون في "إسرائيل" انفجار صاروخ في شارعهم او في بيتهم ولأول مرة يرون في "تل أبيب"  أبنية تتدمّر وشوارع تحترق  ولأول مره يهربون الى الملاجئ او خارج مناطق القصف، كما كانت تفعل إسرائيل بالفلسطينيين وباللبنانيين طوال 70 عاماً ولا تزال واستطاعت الصواريخ الإيرانية تثبيت معادلة الخوف بالخوف والرعب بالرعب والتهجير بالتهجير والاقتصاد بالاقتصاد وحاصرت إسرائيل لأول مرة من الجو واغلقت مطاراتها، لتعيش "إسرائيل" تجربة الحصار الذي تعيشه غزة ولو بنسبه قليلة.
اثبتت الصواريخ الإيرانية وقبلها المقاومة اللبنانية ومعها المقاومة الفلسطينية ان إسرائيل ليست قوية،بل نحن الضعفاء ، لتشتّتنا وتفرّقنا وعدم وحدة صفنا ونزاعاتنا المذهبية والطائفية والحزبية ووجود الخونة والعملاء في صفوفنا حكاماً وأفرادا ولو توّحدت هذه الأمة لفترة زمنية قصيرة من أجل قضية محصورة وهي تحرير القدس ،لاستطاعت وبزمن قليل، فمن العيب ان يستطيع 10 ملايين "إسرائيلي" في رقعه جغرافية بسيطة ان يتحكّموا بمليار مسلم يحتلون قارة بأكملها !
عاشت الصواريخ الإيرانية واللبنانية والفلسطينية واليمنية والعراقية، التي تدمّر مشروع "إسرائيل الكبرى" و "الشرق الأوسط الأميركي الكبير".
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف".. فلنكن مؤمنين أقوياء…


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل