أقلام الثبات
يقع الجميع في خطأ التفريق بين أميركا و"إسرائيل"، والغرق في تحليلات التباين والتناقض وبعض الخيال بوجود خصومة بين المسؤولين "الإسرائيليين" والأميركيين، والوقوع في الخداع الأميركي - "الإسرائيلي".
"إسرائيل" حاجة وضرورة أميركية، وليست كياناً او دولةً مستقلة لها قرارها المستقل، بل هي أداة تنفيذية لتحقيق المصالح الأميركية والغربية؛ إنها "الولد الأزعر" لأميركا؛ الذي يعتدي ويبتز ويغزو ويحتل بقرار وحماية أميركية، لتعود أميركا وتمثل دور القاضي والوسيط وحائط المبكى للشعوب والدول المخدوعة المُعتدى عليها .
تكلّف أميركا "ولدها الأزعر" - إسرائيل - بالحروب ، فيهرول العرب ويشتكون على "إسرائيل"، فتفرض أميركا شروطها على العرب بعنوان الحد الأدنى الذي ترضى به "اسرائيل"، وتؤمن لها الغطاء القانوني والسياسي في المحاكم الدولية ومجلس الأمن والمؤسسات الدولية، بالتلازم مع الدعم العسكري المفتوح.
تريد أميركا إسقاط النظام في إيران واسترجاعها كما كانت في عهد "الشاه"، وقد حاولت طوال 40 عاماً؛ منذ انتصار الثورة، وكانت المحاولة الأولى عندما تحطمت الطائرات الأميركية في صحراء "طبس"، وتعدّدت المحاولات عبر الساحة الداخلية؛ عبر "منافقي خلق"، والمعارضة الكردية و"الثورة الإصلاحية الخضراء"، ثم انتفاضة الفتاة الكردية "مهسا آميني"، ثم انتفاضة "الحجاب" التي لم تنته بعد.
تحاول أميركا، إسقاط النظام من بوابة الملف النووي، لتحقيق ثلاثة أهداف:
- نزع السلاح النووي الايراني، مقدمة لنزع السلاح النووي الباكستاني، وحرمان العالم الاسلامي من هذا السلاح.
- القضاء على محور المقاومة بقطع رأسه بعد إصابة أطرافه .
- حكم العالم العربي والشرق الأوسط الجديد بثلاثية ("إسرائيل" - تركيا - إيران الجديدة).
تخوض أميركا حربها على إيران ، وإظهار الحرب بأنها بين "إسرائيل" وإيران، لكن الحقيقة ان أميركا هي التي تقود الحرب، وتشارك فيها بريطانيا وفرنسا وكل الدول الأوروبية وبعض الدول العربية، وبالتلازم مع الخداع الأميركي لإيران بالتفاوض ، بالتلازم مع التحضير للضربة العسكرية "الإسرائيلية" المباغتة، وتحريك الداخل الإيراني المسلّح ،وإنهاك النظام وزعزعته تمهيداً لتحريك الشارع بانتفاضات شعبية متعددة المطالب (الأكراد للانفصال، ومنافقي خلق لإسقاط النظام والإصلاحيون، لاستلام السلطة والقرار، والنساء رفضاً للحجاب و...) ، والتحضير للضربة القاضية باغتيال "المرشد الأعلى"، بعد نجاحها بتصفية الخليفة المرشّح "الرئيس رئيسي"، واغتيال قادة محور المقاومة، ولم يبق إلا المرشد الأعلى في ايران والسيد عبد الملك الحوثي في اليمن ، حيث تعتقد أميركا أن القضاء على حركات المقاومة ودولها يبدأ، بتصفية القائد الرمز، بسبب التركيبة العقائدية والعاطفية والتنظيمية التي تجعل "القائد" الركيزة الأساس في أي تنظيم او حزب او دوله، فبدأت باغتيال الشهيد سليماني وبعده الرئيس "رئيسي"، ثم أبو مهدي المهندس في العراق، ويحيى السنوار وإسماعيل هنية في غزة، والسيد حسن نصر الله في لبنان، وأسقطت الرئيس بشار الأسد في سوريا.
نجت إيران من المحاولة الأولى لإسقاط النظام وتدمير منشآتها النووية، واستوعبت الضربة القاتلة وبدأت بالهجوم المضاد الذي دخل يومه الخامس، وكان فوق ما تتوقعه أمريكا و"إسرائيل" والغرب، فلأول مرة يعيش "الإسرائيليون" أهوال ورعب القصف الذي عاشه اللبنانيون والفلسطينيون طوال 70 عاماً، ولأول مرة نرى مباني مدمّرة في تل أبيب وحيفا وغيرها منذ تأسيس الكيان.
لا زالت أميركا تخوض الحرب بشكل غير علني، لكنها ستتدخّل عندما ترى ضعف "إسرائيل" في حرب الاستنزاف التي تريدها إيران ان تستمر لأسابيع، لتحقيق التوازن في الخسائر وللتعويض عن التفوق الجوي الإسرائيلي_ الأميركي ،وترهيب الداخل "الإسرائيلي" وفرض الحصار الجوي وتعطيل الاقتصاد وإدخال "الاسرائيليين" في دائرة الخوف المستمر الذي لم يذوقوه قبل ذلك، فكل حروبهم كانت خارج فلسطين .
لا مصلحة لأميركا والغرب، بهزيمة اسرائيل ولن يسمحوا بذلك وسيمنعون انتصار إيران، ولذلك يمكن ان تدخل أميركا بالحرب بشكل مباشر، لإنقاذ "إسرائيل" وهزيمة إيران التي تقاتل وحيدة في مواجهة التحالف الأميركي الدولي الجديد كما حصل مع العراق واليمن.
لا تستطيع إيران التراجع قبل تحقيق توازن الردع وتحصين ساحتها الداخلية، وأي وقف للنار لا يعطيها ضمانات ملموسة مع حلفائها في محور المقاومة، خصوصاً في لبنان ، سيعرّضها للخطر في المحاولة الثانية لإسقاط نظامها.
هل تنجح استراتيجية الاستنزاف الإيرانية "لإسرائيل" تعويضاً عن التفوق الجوي والعسكري للتحالف الأميركي - "الإسرائيلي"؟
ندعو الله ان ينصر إيران؛ خط الدفاع الأخير عن الإسلام الأصيل والمشروع التحرّري المقاوم، حتى لا يبدأ العصر الأميركي - "الإسرائيلي" الذي سيحكمنا بالديانة الإيراهيمية والمثلية والانحلال الأخلاقي.
أميركا: ممنوعٌ هزيمة "إسرائيل" ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 17 حزيران , 2025 09:52 توقيت بيروت
أقلام الثبات

