سلمان منا أهل البيت .. سلمان لا يزال يقاتل، بسيف المبدأ، وبصوت الحق، وبعقيدة لا تُساوم

الأحد 15 حزيران , 2025 02:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

عندما قال النبي محمد ﷺ: "سلمان منا أهل البيت"، لم تكن مجرد كلمات تقال، بل كانت إعلانًا عظيمًا عن مكانة سلمان الفارسي رضي الله عنه، ودوره المحوري في بناء الأمة الإسلامية الناشئة، رغم اختلافه عن الصحابة نسبًا وأصلاً. فقد جاء سلمان من بلاد فارس، طالبًا للحقيقة، باحثًا عن النور، حتى اهتدى إلى الإسلام بعد رحلة طويلة شاقة قادته إلى المدينة المنورة، حيث التقى بنور النبوة، فآمن وأسلم، وأصبح من خواص أصحاب رسول الله ﷺ.

في هذا الحديث الشريف، لم يكن النبي ﷺ يشير إلى قرابة النسب، وإنما إلى قرابة العقيدة والإخلاص والعمل. سلمان لم يكن عربيًا، ولكنه بلغ من الإيمان والمعرفة والوفاء لرسول الله ﷺ ما جعله يستحق أن يُدخل في دائرة أهل البيت، وهم صفوة الصفوة من الأمة.

وهنا تتجلى عظمة الإسلام، الذي لم يُقِم وزنه على العِرق أو القبيلة أو اللغة، بل على التقوى والنية والعمل الصالح. لقد كان سلمان رمزًا لوحدة الأمة الإسلامية، حين جمعت النبوة حولها قلوبًا من مختلف الأصول والأنساب، متوحدة تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله".

واليوم، وبعد أكثر من أربعة عشر قرنًا، لا يزال اسم سلمان الفارسي حيًا في ضمير الأمة، بل لا يزال يمثل رمزًا للإسلام المحمدي الأصيل، الإسلام الذي لا يعرف حدودًا قومية ولا مصالح دنيوية، بل يقف مع الحق والعدل في وجه الطغيان.

وإذا كانت إيران اليوم – موطن سلمان – ترفع راية الإسلام، وتواجه أعداء الأمة، فإن ذلك يشكل استمرارًا لذلك الإرث الروحي الكبير. إنها تُجسد في هذا الدور صورة سلمان المؤمن المخلص، الذي دافع عن المدينة يوم الخندق، وابتكر فكرة حفر الخندق، فأنقذ الإسلام في لحظة مصيرية.

فسلمان لا يزال يقاتل، بسيف المبدأ، وبصوت الحق، وبعقيدة لا تُساوم. نسأل الله أن يسدد رمي المخلصين من أبناء هذه الأمة، الذين ساروا على درب محمد وآل محمد الأطهار، وأن ينصرهم في معركتهم ضد الباطل، وأن يجعلنا جميعًا ممن يُحيون سيرة سلمان، بالإيمان والعلم والعدل، لا بالادعاء والتعصب.

إن الحديث "سلمان منا أهل البيت" لم يكن فقط تكريمًا لسلمان، بل كان تكليفًا للأمة بأن تنظر إلى ما هو أبعد من العرق والانتماء الضيق، إلى وحدة القلوب والعقيدة. فهل نُدرك هذه الرسالة في أيامنا هذه؟ وهل نُعيد قراءة الإسلام المحمدي بنقائه وعمقه كما جسّده سلمان الفارسي رضي الله عنه؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل