لماذا أعلنت أميركا خوفها من اغتيال "الجولاني" وأغلقت سفارتها في بغداد؟ ــ د. نسيب حطيط

الخميس 12 حزيران , 2025 10:35 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
فجأة، ومن خارج السياق السياسي والأمني، صرّح المبعوث الأميركي في سوريا؛ توم باراك، خوف أميركا من اغتيال الرئيس السوري أبو محمد الجولاني، محّدداً الجهة المتّهمة، وهي المتشدّدين التكفيريين الأجانب التي طلبت أميركا من الرئيس السوري إبعادهم خارج سوريا، ثم وافقت على دمجهم في فرقة خاصة من الجيش السوري الجديد.
بالتلازم مع هذا الخوف الأميركي المخادع والمشبوه، أعلنت أميركا السماح، لعائلات الجنود والموظفين الدبلوماسيين في الشرق الأوسط ،بالمغادرة وإخلاء سفارتها الكبرى في بغداد وإبقاء العاملين الرئيسيين، بحجّة الخوف من فلتان الأوضاع في الشرق الاوسط وتحسّباً، لانهيار المفاوضات النووية الأميركية -الإيرانية والتخوّف الأميركي المخادع أيضاً من قيام "إسرائيل" بقصف هذه المنشآت (دون علم أميركا) بعد صدور قرار الوكالة الدولية المنتظر والذي يمكن أن يكون سلبياً وضد إيران لتبرير الضربة الإسرائيلية .
ان التحذير الأميركي بخصوص اغتيال الجولاني (لم تُلغِ أميركا جائزة القبض عليه حتى الآن) وإخلاء سفارة بغداد ،يؤشر لربط الساحة السورية بالعراق، حيث أن اغتيال الجولاني، سَيُغرق سوريا في صراع جديد وفلتان كبير ،لعدم وجود دولة ولا جيش ولا مؤسسات، لتحويل سوريا  الى "أفغانستان جديدة"  وفتح حدود العراق أمام الجماعات التكفيرية التي تقودها اميركا ،بالإضافة الى داعش الموجودة في العراق بحماية أميركية ومع بقايا البعث والمليشيات السنيّة الجديدة ، لإسقاط العراق  وفق نموذج إسقاط سوريا ،لاستكمال مشروع إسقاط  حركات ودول محور المقاومة ونزع سلاح الحشد الشعبي الذي لم تستطع اميركا "حلّه " بالقرارات السياسية الحكومية والبرلمانية او نزع سلاحه، كما هو الحال في لبنان حتى الآن.
لكن السؤال ..
لماذا استعجلت أميركا لاغتيال "الجولاني" وإشعال الساحة العراقية؟
 ما علاقة هذه القرارات بالعملية الاستخبارية الإيرانية والملفات النووية والعسكرية التي صارت بحوزة إيران؟
هل بدأ مشروع إسقاط العراق بعد سوريا؟
هل انتهت مهمة "الجولاني" المحدّدة بمقاتلة النظام السوري وإسقاطه... للبدء بمرحلة الفوضى الشاملة في سوريا؟
هل المعلومات الاستخبارية ، كما تَسرّب، تفضح خطط أميركا و"اسرائيل" وعملائها في دول عربية، خاصة مصر؟
هل كشفت هذه الوثائق هوية "الجولاني" والمشاركين في إسقاط النظام داخل سوريا وغيرها؟
الثابت الوحيد والمؤكد ،خارج إطار التخمينات والتوقعات والأسئلة، أن أميركا مستمرة بهجومها الشامل الذي بدأ بعد "طوفان الأقصى" لإنهاء حالة " التمرّد والمواجهة" التي بدأت منذ أكثر من 40 عاماً، المتمثّلة بمحور المقاومة "حركات ودولاً وشخصيات"، والتي أوقفت "صفقة القرن" والتطبيع والسلام مع "إسرائيل"، وفتحت الأبواب امام روسيا (التي أضاعت استثمار هذه الفرصة)  وبعدما حقّق الهجوم الأميركي - "الإسرائيلي"، وبدعم ومشاركة  عربية وتركية، انتصارات في أكثر من ساحة ويحاول استغلال الفرصة الذهبية، للقضاء على التمرّد الذي يواجهه ويمنعه من السيطرة على المنطقة وثرواتها ودينها وقِيمها الأخلاقية والحضارية؟
نجحت أميركا للأسف ، في استراتيجيتها، للقضاء على محور المقاومة فقاتلت بخطة عزل الساحات وإسقاطها واحدة بعد الأخرى واستفادت من تردّد محور المقاومة في مقدمته إيران من خوض المعركة ، بشكل شامل وموحّد ضمن وحدة الساحات الحقيقية ،هذا الشعار الذي وقعت ضحيته ،المقاومة الصادقة والشجاعة في لبنان التي التزمت به وانخرطت في الحرب ضد أميركا وإسرائيل وقاتلت حتى الاستشهاد ولم تؤازرها الساحات الأخرى، خصوصاً الساحة الإيرانية (مع انها ساندت الجميع ولم تبخل على أحدٍ بدمائها) مما أصابها بخسائر كبرى وأصاب إيران، إصابة قاتلة بخسارتها لبنان ،جبهة الإسناد والحماية الوحيدة لها منذ انتصار الثورة الإسلامية!
يحتل شهر حزيران في الذاكرة العربية خصوصاً، موقعاً يثير الحزن والخيبة والتذكير بالهزائم والخسارات من هزيمة حزيران 1967 وهزيمة العرب والنكسة الكبرى الى حزيران 1982 والاجتياح "الإسرائيلي" للبنان واحتلال بيروت، أول عاصمه عربية، وصولاً الى حزيران 2014 وغزوة "داعش" للعراق والمجازر والدمار الذي ألحقته بالشعب العراقي والتي كادت ان تُسقط النظام الجديد ، برعاية أميركية والتي يبدو ان اميركا ستكرر هذا الغزو الداعشي مرة ثانية.
فهل يُضاف حزيران 2025 الى قائمة أشهر الهزائم والنكسات؟
كان باستطاعتنا الصمود أكثر، وتحقيق انتصارات او التفاوض من موقع القوة والاقتدار، وعلينا مراجعة الأخطاء(العقائدية والعسكرية والسلوكية) وسد الثغرات وممنوعٌ علينا الاستسلام او الانهزام ، مهما كانت نتائج الميدان السياسي والعسكري...لنعود وننهض ثانية وننصر الله سبحانه... حتى ينصرنا ...
حمى الله إيران والعراق من الضربات والمؤامرات القادمة.. 
النصر من الله سبحانه وليس بقوتنا، فهي سبب ووسيلة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل