أقلام الثبات
يحاول التحالف الأميركي - "الإسرائيلي"، وخلافاً للواقع والميدان، التعامل مع المقاومة وأهلها وكأنهم مهزومون ولا يمتلكون أي قوة، مما يفرض عليهم تنفيذ شروط الاستسلام دون تفاوض ودون اعتراض ،مقابل البقاء على قيد الحياة بالشروط الأميركية - "الإسرائيلية" التي تجعل المقاومين وأهلهم "عبيداً" للتوحش "الإسرائيلي" دون ضمانات، وأن تسليم السلاح قرارٌ واجب التنفيذ والطاعة، لتسهيل تنفيذ المشروع "الإسرائيلي" الوصول الى نهر الأولي، على أن يكون نهر الليطاني خط الاحتلال الأول، تحقيقاً للنبوءات الدينية اليهودية المفبركة والمزوّرة، ولأن أمن "إسرائيل" لا يتحقّق إلا بإفراغ الجنوب اللبناني ابتداء من الشيعة وتركه إما خالياً او إعماره بالمستوطنات "الإسرائيلية"، او بالجماعات اللبنانية المتحالفة مع "إسرائيل".
لابد من توضيح واقع الميدان وعدم الوقوع في فخ الحرب النفسية، حتى لا نكون ضحايا الوهم والترهيب والخوف ،فنخسر ما تبقى لدينا من قوة وازنة من السلاح والمعنويات والإرادة ،فنعطي لأميركا و"إسرائيل" طواعية وخوفاً وغباءً، وما تعجزان عن أخذه بالقوة ،واذا بادرتا للحرب لانتزاع السلاح، فستخسران كما نخسر، وستدفعان أثماناً لا تريدان دفعها، واذا كان مصير السلاح "التسليم او النزع" سيؤدي ذلك الى خسارة حتمية للمقاومة وأهلها، فإن العاقل يتجّه للمواجهة والحرب ،فيوقع الخسائر بالأعداء، ويمكن ان ينتصر، وان خسر يكون قد قاتل بشرف وكرامة…
المقاومة وأهلها خسروا معركةً في حربٍ لم تنته، بعد ولم ينهزموا ،بل قاتلوا بشجاعة حتى الاستشهاد، ولم يكن منهم جريح ولا أسير، وقاتل أهل المقاومة بصبرهم وصمودهم وحزنهم المقاتل ، فلم يتراجعوا أو ينقلبوا على تاريخهم وعقيدتهم، ولم يتركوا ابناءهم المقاومين وحيدين في الميدان، رغم التهجير والتدمير والترهيب والقلق الدائم، حتى صاروا من "المقاومين الرحّل"؛ يحملون أثاث بيوتهم في حقائب صغيرة على مداخل بيوتهم.
يتسرّع بعض السذّج والبسطاء والأغبياء والعملاء او الخائفين في المطالبة بتسليم السلاح، بحجّة عدم جدواه وخسارته لقوة الردع وعدم قدرته على فرض الشروط... وجوابنا: لو كان هذا السلاح عديم الجدوى وغير مؤثر وغير نافعٍ وغير رادع فلماذا تحشد أميركا كل العالم لنزع شيء تافه لا يمنع العدوان؟
لا يزال هذا السلاح مؤثراً وقادراً على منع التوسّع "الإسرائيلي" والانتداب الأميركي الجديد على لبنان، رغم كل الخسائر والحصار.
ولو افترضنا انه لابد من تسليم السلاح، أليس من الغباء تسليمه دون مقابل؟
ما هي الضمانات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وحتى العقائدية، لأهل السلاح؟
ما مصير المقاومين في لبنان وهم يعيشون بين فكي التوحش "الإسرائيلي" والتوحش التكفيري؟
لو كان السلاح "خردة" لأمكن مقايضته بشيء من الاقتصاد والأمن والسياسة..
ما نعيشه اليوم يمنعنا، بالدليل وبالبرهان وبالمشاهدة اليومية، من تسليم السلاح دون ضمانات ودون مقابل، ونحن نرى دوريات القوات الدولية التي تنفذ أوامر الجيش "الإسرائيلي" بالتفتيش والمداهمة والمراقبة، واستباحة الجنوب وأهله وحتى الملكيات الخاصة وحدائق البيوت، وما يجري في الضاحية من "استخدام" الجيش اللبناني في دوريات تفتيش ومداهمة ،بناء على طلبات "إسرائيلية" عبر لجنة وقف النار "العوراء"، وتحت رقابة المسيّرات "الإسرائيلية"، ووصلت الحرب النفسية على المقاومة وأهلها لإذلال الجميع، وفي مقدمتهم الجيش اللبناني (المغلوب على أمره)، فتُلزمه "إسرائيل" بمداهمة المباني التي قصفتها، علّها تجد دليلاً لتبرير قصفها بمفعول رجعي.
صار لبنان "ضفة غربية" أخرى، ويُفرض على الجيش والقوى الأمنية اللبنانية - رغماً عنها وبالإكراه - القيام بالتنسيق الأمني مع العدو من خلال لجنة وقف النار والقوات الدولية، مع أن بعض السلاح لا يزال بيدنا، فكيف إذا سلّمناه او انتزعوه منّا بالقوة وصرنا بلا سلاح؟
ألن نكون "غزة" ثانية تلهو "إسرائيل" بأرواحنا وتهجّرنا شمالاً وشرقاً وغرباً ماعدا الجنوب.. وتخيّرنا بين القتل بالقصف او القتل جوعاً وعطشاً؟
ألن نكون "ساحل العلويين"... نُذبح ونُسبى...؟
ألن نكون "شيعة البحرين" في السجون؟
ألن نكون شيعة "الهازاراه" في أفغانستان؟
لسنا ضد التفاوض حول السلاح وحصره بالدفاع عن لبنان، وعدم قيامه بأي دور اقليمي، ولسنا ضد شراكة الدولة والمقاومة بإدارة السلاح، لكننا قطعاً ضد تسليم السلاح دون ضمانات بديلة وموثوقة، وسنقاتل بوعي وحكمة وعقلانية دون تهوّر وانفعال دفاعاً عن أنفسنا.. وليس شرطاً القتال بالصواريخ الدقيقة والبالستية.
لسنا مهزومين حتى نقبل بالتوقيع على "صك" العبودية والاستسلام، ومن المبكر والخطأ إعلان انتصار العدو في حرب لم تنته بعد.
خسرنا معركة... لكننا لم ننهزم _ د. نسيب حطيط
الأربعاء 11 حزيران , 2025 04:04 توقيت بيروت
أقلام الثبات

